للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

سورة النساء [٤: ٣]

{وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِى الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا}:

{وَإِنْ}: الواو استئنافية.

إن: شرطية تفيد الاحتمال، أو الشك، أو الندرة.

{خِفْتُمْ}: من الخوف، وهو توقُّع الضرر المشكوك في وقوعه.

{أَلَّا}: أصلها: أن: المصدرية، لا: النافية. إن: المصدرية تفيد التعليل.

{تُقْسِطُوا فِى الْيَتَامَى}: القِسط: بكسر القاف: هو عدم الظلم، والجور؛ والقسط: يعني النصيب والحصة، فالقسط هو الحصة العادلة مأخوذة من: أقَسط: أزال الظلم والجور؛ أي: عدل، والقسط: اسم للعدل في القسمة، وتعني: العدل في الميزان.

أما قَسَط: بفتح القاف فمعناها ظلم وجَارَ.

{وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِى الْيَتَامَى}: وإن خفتم: أن تميلوا عن العدل إلى الجور، والظلم.

والقسط: هو العدل مع التنفيذ؛ أيْ: إن خفتم ألا تقسطوا إلى اليتيمة، وتعطوها ما تستحق من المهر، ومالها؛ اتركوها، واذهبوا وتزوجوا بغيرها من النساء.

معنى الآية: إن كان الرجل يكفل اليتيمة، ويكون وصياً عليها، ويريد أن يتزوجها لمالها، أو جمالها، أو غيره من الأسباب، وكان لا يقسط لها في مهرها، فلا يعطيها ما تستحق من المهر، فيظلمها. فجاءت الآية تطلب من الوصي، أو الكفيل: أن يعدل، ويزيل عن اليتيمة الظلم، والجور، ولا يأكل أموالها، ويدعها وشأنها، ويتزوج بغيرها. مثنى وثلاث ورباع.

إذن المبدأ هو العدل في معاملة اليتيمات.

{فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ}:

{فَانْكِحُوا}: الفاء: جواب الشرط. {فَانْكِحُوا}: تزوجوا.

{مَا}: اسم موصول، وما: للعاقل، وغير العاقل، واستعملت ما بدلاً من؛ لأنها تشير إلى النوع الذي طاب لكم.

{مَا طَابَ لَكُمْ}: ما استحسنتم من النساء من هُنَّ حلٌّ لكم من غير يتيماتكم. {مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ}: والواو: للتخيير. والسؤال هنا: لو قال: فانكحوا ما طاب لكم من النساء اثنين بدلاً من مثنى (أي: اثنين اثنين)؟ لا يصح؛ لأنه يعني: الكل يشترك في نكاح أو الزواج باثنتين كالقول كلوا رغيفين من الخبز تعني: الكل يشارك ويأكل من هذين الرغيفين، أما حين يقال كلوا ثلاثة ثلاثة يعني: كل واحد يأكل ثلاثة أرغفة؛ أي: مثنى تعني: اثنين اثنين، ومعناها واحد يمكن أن ينكح اثنتين، وثلاث معناها: ثلاث ثلاث؛ أي: وآخر يمكن أن ينكح ثلاث نساء، ورباع معناه أربع أربع، وليس معناها أربعة؛ أي: وثالث يمكن أن ينكح أربع نساء.

ولا يصح القول فانكحوا ما طاب لكم من النساء اثنتين وثلاثة وأربعة، فأقصى حد هو أربعة نساء وليس تسعة (٢+٣+٤=٩).

{فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً}:

{فَإِنْ}: الفاء: عاطفة، شرطية تدل على الاحتمال، والشك، أو الندرة.

{خِفْتُمْ أَلَّا}: خفتم: من الخوف: وهو توقع الضرر المشكوك في وقوعه؛ أن لا، أن: المصدرية للتعليل. لا: النافية.

{تَعْدِلُوا}: بين الزوجات؛ لسبب من الأسباب مثل: الضعف الجنسي، أو غيره في الأمور المتعارف عليها، فتزوجوا واحدة فقط.

{أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ}: لم يعد هناك مصدر لملك اليمين في هذا الزمن.

{ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا}:

{ذَلِكَ}: اسم إشارة، واللام: للبعد، إشارة الزواج بواحدة فقط.

{أَدْنَى}: أقرب، {أَلَّا}: أن: المصدرية تفيد التعليل. لا: النافية.

{أَلَّا تَعُولُوا}: لهما معانٍ عدة:

١ – ألا تجوروا، تميلوا عن العدل إلى الجور والظلم (خوفاً من الجور والظلم). من عال يعول؛ أيْ: جار.

٢ - عال، يعول؛ يعني: افتقر ذلك أدنى أن تفتقروا؛ أيْ: تصبحوا فقراء بالزواج بأكثر من واحدة.

٣ - عال يعول؛ يعني: كثرت عياله، ألا تكثر عيالكم؛ أيْ: خوفاً من كثرة العيال (الأولاد).

إذن أدنى ألا تعولوا: ألا تجوروا، وتظلموا، وألا تفتقروا، وألا يكثر عدد عيالكم؛ فالواحدة تكفي.