سورة الحج [٢٢: ٣٤]
{وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِّيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ}:
{وَلِكُلِّ أُمَّةٍ}: الأمة:
{جَعَلْنَا مَنْسَكًا}: المنسك: الموضع أو المكان الّذي يُتعبّد الله فيه، أو ما يتقرب به إليه من عمل صالح، فالنّسك هي العبادات أو التّكاليف التّعبدية، ومناسك الحج: تعني الأماكن الّتي تؤدّى فيها الشّعائر مثل عرفات ومزدلفة ومنى، ومكة، كما قال إبراهيم -عليه السلام- ربنا أرنا مناسكنا: أي: علّمنا كيف نعبدك وأين نعبدك. ارجع إلى الآية (٦٧) من نفس السورة لمعرفة الفرق بين مَنْسَك بفتح السين مَنْسِك بكسر السين.
{لِّيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ}: اللام للتعليل، اسم الله وحده عند نحرها أو ذبحها مثل القول: باسم الله والله أكبر.
{عَلَى مَا رَزَقَهُمْ}: الرّزق؛ يعني: أوجدها وذلّلها وملكها أو سخرها لكم.
{مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ}: من لبيان الجنس، بهيمة الأنعام: ارجع إلى الآية (٢٨) من السّورة نفسها.
{فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ}: الفاء للتوكيد، إلهكم إله واحد: أي: هو المشرع لكم، ولكلّ أمة ما يناسبها ويصلحها من الشرائع والأحكام.
إلهكم إله واحد: ارجع إلى سورة الصافات آية (٤) للبيان المفصل والفرق بين أحد وواحد.
{فَلَهُ أَسْلِمُوا}: أي: أخلصوا له بالتّوحيد، وقدّم له للحصر، ابتغوا وجهه ولا تشركوا به شيئاً؛ أي: وحّدوه.
لنقارن هذه الآية من سورة الحج: {فَلَهُ أَسْلِمُوا}، مع الآية (٥٤) من سورة الزّمر: {وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ}: وله أسلموا: قدّم الجار والمجرور؛ لتفيد الحصر؛ لأنّ المقام مقام توحيد.
وأسلموا له: أخّر الجار والمجرور، المقام مقام استغفار وليس مقام توحيد وعدم القنوط من رحمة الله ووعد وعيد وتهديد بالعذاب.
{وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ}: من الخبت؛ والخبت في اللغة: المكان المنخفض من الأرض. المخبتين؛ أي: المتواضعين؛ جمع مخبِت: المطيع المخلص الخاشع المتواضع الذي بلغ ذروة التواضع، والخبت: الاطمئنان، بشّر المخبتين: لم يذكر نوع البشارة، وهي رضوان الله وجنّته، وغيرها من النّعيم، بشّر من البشارة، ارجع إلى الآية (١١٩) من سورة البقرة. ومن صفات المخبتين ما ورد في الآية التالية.