سورة هود [١١: ٦١]
{وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّى قَرِيبٌ مُّجِيبٌ}:
{وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا}: أيْ: وأرسلنا إلى ثمود أخاهم صالحاً.
{أَخَاهُمْ}: من القبيلة؛ أيْ: واحداً منهم ليس غريباً عنهم.
{صَالِحًا}: صالح هو الرّسول الثّاني من العرب من أحفاد ثمود.
وثمود: قبيلة سكنت مكان يسمّى الحجر، أو مدائن صالح شمال غرب المدينة المنورة بـ (٣٨٠كم)، وسمّوا أصحاب الحجر، أو قوم صالح، أو قوم ثمود؛ لهم ثلاثة أسماء، وهم ممن تبقى من قوم عاد.
{قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ}: قال: يا قوم: نداء فيه حنان، وعطف، وتودُّد من أساليب الدّعوة. والقوم: الرّجال والنّساء.
{اعْبُدُوا اللَّهَ}: العبادة تشمل الطّاعة فيما أمر به، أو نهى عنه، وتشمل كلّ قول طيب، وعمل صالح، اعبدوا الله وحده. ارجع إلى الآية (٢) من نفس السورة.
{مَا}: النّافية.
{لَكُمْ مِّنْ}: من: استغراقية.
{إِلَهٍ غَيْرُهُ}: سواه؛ أيْ: لا إله إلا الله، وجاءهم بدليلين على التّوحيد هما:
{هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ}: هو: ضمير فصل يدل على التّوكيد، والحصر.
{أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ}: ابتدأ خلقكم من تراب. ارجع إلى سورة الروم، آية (٢٠)؛ لبيان معنى أنشأكم من الأرض.
{وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا}: جعلكم عماراً فيها تعمرونها تبنون بيوتكم وتسكنونها، وتعمرونها بالزّراعة، والصّناعة… وغيرها؛ فالإنشاء يسبق الاستعمار، واستعمركم فيها: لا تعني فقط: تبنون بيوتكم فيها، بل تعني: كذلك حين يرث الابن دار أبيه؛ فكأنما أعمره إياها، واستعمركم: قد تعني: استبقاكم فيها (من البقاء)؛ يسكنها مدة بقائه حياً، ثمّ يتركها لغيره.
{فَاسْتَغْفِرُوهُ}: الفاء: للترتيب، والمباشرة، والسّرعة؛ أي: استغفروه حالاً، وبسرعة، استغفروه من الشّرك، ومن الذّنوب، والمعاصي.
{ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ}: ثم: لا تعني التّرتيب، والتّراخي في الزّمن؛ لأنّ التّوبة يجب الإسراع بها، وإنّما التّباين في الصّفات؛ فالتّوبة أفضل من فعل الذّنب، توبة الإنابة من دون ارتكاب ذنب، أو ثمّ: تفيد في التّسلسل في الحوادث، والتّعاقب، استغفروه، ثمّ توبوا إليه.
والتّوبة تعني: الإقلاع عن الذّنب، والنّدم، والإكثار من النوافل، والأعمال الصالحة. ارجع إلى الآية (٣) من نفس السورة.
{إِنَّ رَبِّى}: إنّ: للتوكيد.
{قَرِيبٌ}: يسمع استغفاركم وتوبتكم، أقرب إليكم بعلمه من حبل الوريد.
{مُّجِيبٌ}: يجيب دعاء الخلق، ويقبل التّوبة، يجيب دعوة الدَّاع إذا دعاه.
فما كان جواب قومه إلا أن قالوا: