{شِئْنَا}: من المشيئة، والمشيئة تسبق الإرادة والفعل، والمشيئة: لا تتبدل، أو تتغير ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن؛ أما الإرادة فقد تتبدل، أو تتغير؛ فالإرادة: هي العزم على الفعل.
{أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ}: عن طريق جبريل، وذلك بأن نمحوه من صدور العالمين؛ أي: ينسوه، ولا يتذكرونه. ارجع إلى سورة النساء، آية (١٦٣)؛ لمعرفة معنى: أوحينا.
وإذا فعلنا ذلك {ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنَا وَكِيلًا}: فلن تجد من تتوكل عليه؛ لاسترداده، وإعادته محفوظاً، ولكن رحمة من ربك لم يشأ، وله الحمد، والمنة.
وانتبه إلى حكمة مجيء هذه الآية بعد آية يسألونك عن الروح؛ لأن الّذي أوحينا إليك هو روح أيضاً؛ كقوله تعالى:{وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا}[الشورى: ٥٢]؛ فالقرآن روح أيضاً؛ فكما أنَّا قادرون على أن نذهبن بأرواحكم، وقادرون على أن نذهبن بالّذي أوحينا إليكم (وهو القرآن)، وهو الروح الحقيقة لكم.