للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

سورة النور [٢٤: ٤]

{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}:

{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ}: يرمون: يقذفون بالزنى، يتهمون المحصنات. وأصل الرّمي: القذف بالحجارة أو بشيء صلب الّذي هو شيء حسي، واستعير ليعبر عن شيء معنوي وهو القذف باللسان.

{الْمُحْصَنَاتِ}: جمع محصنة؛ أي: الّتي أحصنت فرجها: أي عفّت، وأصل الإحصان: المنع والحصن، والمرأة العفيفة الحرة تسمى: مُحصَنة، ومُحصِنة بالفتح والكسر.. والإحصان له أنواع: يكون بالإسلام، والعفاف، والحرية، والتّزوج.

{يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ}: يقذفون: يتهمون المحصنات المؤمنات بالزّنى. خص النساء؛ لأن قذف النساء أبشع، وقيل: لا فرق بين الذكر والأنثى.

{ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ}: والشّهداء جمع: شهيد، يشهدون عليهن بوقوع الزّنى، والمراد بالشّهداء الرّجال، وإن ذكرت الآية العدد بصيغة المؤنث فقال: أربعة، وليس أربع شهداء؛ لأن الأعداد من (٣-١٠) تضاد المعدود، تذكّر مع المؤنث وتؤنث مع المذكر؛ كأن نقول: أربع نسوة، أربعة رجال.

والجدير بالذّكر: لا تقبل شهادة النّساء في حد القذف كما لا تقبل في حد الزّنى، ولا يقبل قذف المجنون، أو الصبي، أو المكره، وشروط القاذف: العقل، والبلوغ، والاختيار.

{ثُمَّ}: للترتيب الذكري.

{لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ}: أي يحضروا أربعة شهداء، كما قال تعالى: {فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِّنكُمْ} [النساء: ١٥]، يشهدوا بأم أعينهم برؤية فرجه في فرجها؛ فقد يكون في فراش واحد بدون حدوث جريمة الزنى. أربعة شهداء ذكوراً، ولا تقبل شهادة النساء في هذا الباب. والسؤال: لماذا أوصى بأربعة شهداء غير القاذف، وفي الأحوال الأخرى أوجب وجود شاهدين؟؟ لكي لا يكون إقامة الحد فيه ريب، والحفاظ على الأعراض، والتأكد من الأخبار الكاذبة والإشاعات التي تهدم المجتمعات.

{فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً}: أي كلَّ واحدٍ من القاذفين ثمانين جلدة.

ولا تعتبر شهادة زوج المقذوفة عند الشّافعية، بينما تعتبر مقبولة عند أبي حنيفة. ارجع إلى كتب الفقه لمزيد من البيان.

{وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا}: وتسقط بعد ذلك عدالتهم فلا تقبل لهم شهادة.

{أَبَدًا} يعني: إلى آخر عمره وإن تاب وأصبح من الصّالحين؛ أي: مطلقاً، وقيل: تعني حتّى يتوبَ. وقد اختلف العلماء في هذه..، فارجع إلى أقوالهم.

{وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}: أولئك: اسم إشارة للبعد.

هم: ضمير منفصل تفيد التّوكيد؛ أي: هم خاصة، {الْفَاسِقُونَ}: جمع فاسق؛ وهو الخارج عن طاعة الله، وفي هذه الحالة قد ارتكب كبيرة من الكبائر.

فالآية تفيد أنّ على القاذف ثلاثة أحكام إذا لم يأت بالبينة، وهي: إقامة الحدّ عليه وهو:

١ - الجلد ثمانين جلدة.

٢ - لا تقبل له شهادة.

٣ - وصفه بالفاسق.