{ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِى الْآخِرَةِ}: أصل الإدراك تدارك سكنت التّاء وأدغمت في الدّال.
والتّدارك: الاضمحلال والفناء وأصله التتابع والتّلاحق، يقال: تدارك بنو فلان إذا تتابعوا في الهلاك:
فيكون المعنى الأوّل: اضمحلَّ وتلاشى شيئاً فشيئاً علم المشركين بالآخرة شيئاً، أو الّذين كفروا حتّى كأنّهم لم يعودوا يعلمون شيئاً عن الآخرة. أو لا يريدون سماع أي شيء عن الآخرة؛ لأنّهم لا يؤمنون بها أو لا يريدون الكلام عنها والاستعداد لها فلذلك تلاشى واضمحل علمهم بالآخرة.
المعنى الثّاني: توالى وتتابع الحديث عن الآخرة عند كلّ الرّسل فما أحد منهم وإلا ودعا إلى الإيمان بالآخرة، وتتابع التّذكير بها، ومع ذلك لازالوا في شك من قيامها وحدوثها.
أو عميت أبصارهم وبصائرهم عن دلائل علم القيامة الواضحة والآيات الدّالة على قدرة الله على البعث.
المعنى الثّالث: عندما يرون الآخرة ويرون يوم القيامة يتكامل علمهم بالآخرة، وعندها يعلمون علماً كاملاً ما كانوا يجهلونه في الدّنيا وما كانوا يشكون فيه ولا يصدقونه.
{بَلْ}: للإضراب الانتقالي.
{هُمْ فِى شَكٍّ مِّنْهَا}: في شك من حدوث الآخرة وقيام السّاعة والشّك يعني تساوي نسبة الإثبات ونسبة النّفي.
{بَلْ هُمْ}: هم للتوكيد.
{مِّنْهَا عَمُونَ}: أيْ: لا يرون علاماتها ودلائلها وأمارتها لاختلال بصيرتهم، عمون: جمع أعمى، أيْ: هو أعمى القلب والبصيرة عن الآخرة.