سورة آل عمران [٣: ١٨٧]
{وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ}:
{وَإِذْ}: واذكر، أو: واذكر حين.
{أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ}: الميثاق هو العهد المؤكد باليمين. ارجع إلى الآية (٦٣) من سورة البقرة؛ لمزيد من البيان.
{الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ}: أي: المقصود هو علماؤهم من اليهود والنصارى.
{لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ}: لتبيننه؛ أي: لتبينن أمر محمد -صلى الله عليه وسلم-، كما هو موجود عندكم بدون تغيير، وتحريف لتبيين أوصافه ونعوته… أو لتبينن ما جاء في التوراة، والإنجيل في صفات ونعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
للناس: اللام: لام الاختصاص، والناس: تعني: الثقلين الإنس والجن.
{وَلَا تَكْتُمُونَهُ}: والكتمان: هو ما جاء في الكتاب في نعوت النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأن يؤمنوا به، وبالإسلام والكتمان: هو كتم الشيء ظاهر الوضوح؛ للعيان، ولكن صاحبه يحاول كتمه وغالباً ما يكون شيئاً معنوياً، والكتمان غير الإخفاء. ارجع إلى الآية (١٥٩) من سورة البقرة؛ لمزيد من البيان.
أما الإخفاء: هو ما يدور في الخواطر، ويخفيه الإنسان، ومع مرور الزمن لا بد أن يُعلم، ويشمل الأشياء الحسية، والمعنوية (مثل النفاق).
{فَنَبَذُوهُ}: الهاء: تعود على الكتاب، أو الميثاق.
الفاء: تدل على التعقيب، أو الترتيب، والنبذ: هو الطرح مع الكراهية، ويعني طرح الشيء بقوة، وذلك دليل على كراهيته، والنبذ له جهات يمين شمال أمام وراء، فهم نبذوه: {وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ}: ويعني ذلك دليل على الكراهية، فهم لا يريدون رؤيته، أو تذكره، فلو رماه أمامه، أو على يمينه، أو شماله، فقد يراه في المستقبل، أو يتذكره فهم نبذوه، ولم يكترثوا بما جاء في نعت النبي والإيمان به.
{وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا}: أي: استبدلوا متاع الدنيا بما كتموا:
١ - أي: أخفوا وكتموا وتركوا ما أمروا به، وأخذوا بدله شيئاً تافهاً حقيراً من حطام الدنيا من المال، أو السلطة والجاه.
٢ - بما جاء في الكتاب من أحكام ونعوت النبي وصفاته.
{فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ}: بئس: من أفعال الذم، وما: مصدرية؛ أي: بئس شراء كهذا الشراء، أو موصولة بئس الذين يشترون. ارجع إلى الآية (٧٧) من نفس السورة؛ لمزيد من البيان.