ويبدو أنّهم لم يصدِّقوا ما قاله فأقسم إبراهيم عليه السلام وقال:
{وَتَاللَّهِ}: والتّاء تاء القسم، وهي أقوى أدوات القسم وأقوى من الواو (والله) أو الباء (بالله) واللام. وتالله للإنشاء، والخبر لأكيدن أصنامكم.
{وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُم}: اللام في لأكيدن للتوكيد والنّون في (أكيدن) لزيادة التّوكيد، والكيد: هو التّدبير الخفي المحكم لإيقاع المكروه، بها (الأصنام) يعني هنا تحطيمها وكسرها.
{لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُم}: جملة وهل يمكن الكيد من الأصنام الّتي هي حجارة لا تنفع ولا تضر، ولا تسمع ولا ترى، الجواب الكيد منها يعني الكيد من الّذين يعبدونها.
{بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ}: بعد ظرفية زمانية ومكانية، تولوا مدبرين: أيْ: تنصرفوا عنها ولو زمناً قليلاً، ولم يقل: تتولوا، تولوا: تعني ولو زمناً قصيراً وتتولوا تعني زمناً طويلاً، أن: للتعليل، أقسم إبراهيم ذلك سراً في نفسه أو جهراً كما قيل سمعه أحدهم.
وما حدث بعد القسم جاء ذكره في سورة الصّافات، فقد انتظر إبراهيم يوم عيد لهم وسألوه أن يخرج معهم فقال: إنّه سقيم، أيْ: مريض، الصّافات (٨٩-٩٣){فَقَالَ إِنِّى سَقِيمٌ فَتَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ فَرَاغَ إِلَى آلِهَتِهِمْ فَقَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ مَا لَكُمْ لَا تَنْطِقُونَ فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْبًا بِالْيَمِينِ}.