سورة الإسراء [١٧: ٢٥]
{رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِى نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا}:
المناسبة: ذكرت هذه الآية بعد ذكر: وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً؛ إذن: المطلوب هو الإخلاص في العبادة، والتّوحيد، وكذلك معاملة الوالدين بالبر، والإحسان لهما، وربكم أعلم بما في نفوسكم من الإيمان، ومن النفاق، والرياء، أو الإخلاص، والإحسان، والصدق، وكما أن النفاق يكون في الدين، والإيمان، هناك نفاق في بر الوالدين؛ بحيث يقول بلسانه ما ليس في قلبه، يقول بلسانه رياءً.
فهناك من الأبناء من يظهر بمظهر البار بوالديه أمام النّاس، وفي الداخل يتمنى، أو يسأل الله سبحانه أن ينقضي أجَلُهما، أو يتخلص منهما، فجاءت الآية لتحذر من هذا النفاق، والرياء في عبادة الله، والبر بالوالدين؛ فقال:
{رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِى نُفُوسِكُمْ}: ربكم المتولي تربيتكم، وشؤونكم الحياتية. ربكم: يعلم ما يصلحكم.
{أَعْلَمُ}: ولم يقل: يعلم، بل قال: أعلم على صيغة أفعل؛ صيغة مبالغة كثير العلم.
{بِمَا}: الباء: للإلصاق. وما: اسم موصول بمعنى الذي، وأوسع شمولاً من الذي.
{فِى نُفُوسِكُمْ}: ولم يقل أنفسكم؛ نفوسكم تعني: كل نفس، وجميع النفوس المؤمنة، والكافرة، والمنافقة على الإطلاق؛ بينما "أنفسكم" تعني: بعض الأنفس، وليس كلها، وقد وردت النفوس في آيتين فقط في هذه السورة، وفي سورة التكوير آية (٧).
{إِنْ}: شرطية تفيد الاحتمال، أو الشك.
{تَكُونُوا صَالِحِينَ}: إن: كنتم صالحين كان بها، ولكم أجركم، وإن لم تكونوا؛ فتوبوا إلى الله، وأصلحوا نفوسكم، واحذروا ما لا تحمد عقباه.
{فَإِنَّهُ}: إنه: للتوكيد، والفاء: جواب الشرط.
{كَانَ}: ولا زال، وسيكون:
{لِلْأَوَّابِينَ}: جمع أوّاب: صيغة مبالغة من آب، يؤوب؛ من الأوب: الرجوع، والعودة إلى الله بالتوبة، والإنابة. للأوابين؛ أي: للتوابين، والراجعين إلى ربهم بالتوبة، والإنابة.
{غَفُورًا}: صيغة مبالغة من: "غفر" كثير الغفران يغفر الذنوب جميعاً مهما كثرت، أو عظمت، والغفران: صفة أزلية فيه سبحانه، وغفوراً تشير إلى أنه يغفر الذنوب العظيمة الكبيرة.