سورة النساء [٤: ٥]
{وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِى جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَّعْرُوفًا}:
{وَلَا}: الواو: عاطفة. لا: الناهية.
{تُؤْتُوا}: أيْ: تعطوا: من الإيتاء: وهو أعم من العطاء؛ ارجع إلى سورة البقرة آية (٢٥١) للمزيد من البيان، والفرق بين الإيتاء والعطاء.
{السُّفَهَاءَ}: جمع سفيه: هو المصاب بقصور عقلي، والسفيه: من لا يحسن التصرف بماله بحكمة مما يؤدِّي إلى ضياع ماله، كأن يكون مبذراً، أو ينفق أمواله على الحرام وغيرها، والسفيه قد يكون ذكراً، أو أنثى، وحين يكون المرء سفيهاً يجب الحجر على هذا السفيه (من قواعد الفقه)، فتنتقل إدارة أمواله، أو الملكية إلى أحد أقاربه مثل عمه؛ ليصبح وصياً عليه، فيعطيه كل شهر ما يحتاجه. ولذلك قال سبحانه: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ}، وفي الحقيقة هي أموال السفهاء.
وقوله: {أَمْوَالَكُمُ}: ليهتم كل وصي بالمحافظة على مال وصيه؛ وكأن المال ماله (وهو في الحقيقة مال اليتامى، والسفهاء، والمحجور عليهم).
وقالوا: إن الله جعل مال الفرد مالاً للمجتمع كله، فهو يمتلكه، ولكن ينتفع به الفقير، والتاجر، والمجتمع.
{الَّتِى جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا}: أي: الأموال قوام الحياة، وسبب إصلاح الأمور؛ لأنهم إذا ضيعوها بالإسراف؛ أصبحوا عالة على غيرهم، وعلى المجتمع، ولذلك يقتضي تثميرها، وتنميتها، وإدارتها بحكمة.
{وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا}: ولم يقل: منها.
أيْ: على الوصي أن يشتغل ويُتاجر بأموال السفيه، ولا يتركها على حالها، ويعطي السفيه من الأرباح، وهذا معنى: {وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا}، ولو قال: منها؛ أيْ: من رأس المال، وليس من الأرباح؛ أيْ: من عين المال في كل مرة من دون استثمارها لوجدناها نفذت، ولم يبقَ له شيءٌ، وهذا يدل على الموصي أن ينمي أموال السفيه بالوسائل المباحة، وفي التجارة، وغيرها من المشاريع المباحة.
{وَاكْسُوهُمْ}: الكسوة هي: اللباس؛ أيْ: من أرباحها، وثمرتها، لا من أصل المال.
{وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَّعْرُوفًا}: القول الطيب اللين اللطيف.
كأن يقولوا لهم: حين ترشدون سندفع لكم أموالكم كاملة؛ أيْ: في سن الرشد، أو اعذرونا، أو سامحونا؛ لكون المبلغ قليلاً، وإن شاء الله سيكون أكثر في المستقبل، وهكذا.