سورة الفرقان [٢٥: ٥٣]
{وَهُوَ الَّذِى مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَّحْجُورًا}:
{وَهُوَ الَّذِى}: ارجع إلى الآية (٤٧).
{مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ}: مرج البحرين: قيل خلَّى بينهما (كما قال الزهري والزجاج)، أو أرسلهما، والتّفسير العلمي للمرج هو الذهاب والإياب لحركة الأمواج الّتي تحدث مع حركة المد والجزر في البحر. مرج أمواج البحر العذب وأمواج البحر المالح.
{هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ}: هذا: الهاء: للتنبيه وذا: اسم إشارة تشير إلى ماء البحر العذب الفرات وهو الماء العذب الحلو. (وقد يكون من ماء الأنهار العذبة).
{وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ}: ملح: كثير الملوحة أجاج: المر الطعم. وهو ماء البحر أي: المالح والمرُّ الطعم معاً.
مرج المياه الحلوة العذبة مع المياه المالحة (شديدة الملوحة والمرارة).
أيْ: مرج أمواج البحر العذب بالالتقاء بأمواج البحر المالح الأجاج من دون أن يختلط ماؤهما كما يظن البعض خطأ.
{وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا}: لأنّه سبحانه جعل بين الماءين برزخاً: حاجزاً بحيث لا يختلط ماؤهما، ولو نظرنا من أعلى إلى التقاء الماءين لوجدنا أن هناك حاجزاً كأنه برزخ بين الماءين.
{وَحِجْرًا مَّحْجُورًا}: وأضاف إلى البرزخ حجراً محجوراً لا يدخل في ذلك المكان شيء ولا يخرج منه شيءٌ.
الحجر: يعني: منع الخروج منه.
محجوراً: يعني: منع الدخول إليه أو فيه.
فما هو الحجر المحجور؟
عند التقاء مياه النهر بمياه البحر تتشكل منطقة ثالثة ليست لها خاصية تركيب ماء البحر. الملح الأجاج ولا خاصية تركيب مياه البحر العذب السائغ شرابه (أو ماء النهر) وتسمَّى منطقة المصب هذه المنطقة الثالثة لها خاصيتها الطبيعية والكيماوية، ولها أنواع من الرسوبيات تختلف عن ماء النهر الحلو وماء البحر المالح، وتعيش فيها كائنات حية خاصة بها لو دخلت إلى ماء النهر تموت أو ماء البحر تموت.
وهذه آية من الآيات الكونية، والتي تدل على عظمة الخالق ووحدانيته. ارجع إلى سورة فاطر آية (١٢) لمزيد من البيان والمقارنة، وسورة الرحمن آية (١٩-٢٠).