للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

سورة الحديد [٥٧: ١٠]

{وَمَا لَكُمْ أَلَّا تُنْفِقُوا فِى سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا يَسْتَوِى مِنْكُمْ مَّنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}:

{وَمَا لَكُمْ}: ما: الاستفهامية، وفيها معنى التّعجب والتّوبيخ؛ أي: ما لكم من حجة أو عذر من عدم الإنفاق.

{أَلَّا تُنْفِقُوا}: ألا: أصلها أن المصدرية تفيد التّعليل والتّوكيد.

{فِى سَبِيلِ اللَّهِ}: أي لوجه الله أو ابتغاء مرضات الله.

وإذا قارنّا هذه الآية {وَمَا لَكُمْ أَلَّا تُنْفِقُوا} مع قوله تعالى: {وَمَا لَكُمْ لَا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} نجده شدّد على التّوبيخ على عدم الإيمان بالله أكثر من التّوبيخ على عدم الإنفاق بإضافة نون التّوكيد؛ لأنّ الإنفاق لا جدوى منه ويحبط ثوابه إذا كان المنفق غير مؤمن، والإيمان يحب أن يؤخذ به مباشرة بدون تأخير، بينما الإنفاق يمكن أن يؤخّر.

{وَلِلَّهِ}: تقديم الجار والمجرور يفيد الحصر.

{مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}: بعد فناء خلقه إليه يرجع كلّ الملك في السموات والأرض.

{لَا يَسْتَوِى مِنْكُمْ}: لا: النّافية, يستوي منكم: مَنْ أنفق من قبل الفتح وقاتل؛ أي: الاستواء في الأجر أو الثّواب, منكم: (من) تحمل معنى الإفراد والتّثنية والجمع، وسواء كان ذكراً أو أنثى، منكم خاصة.

{مَّنْ أَنْفَقَ}: من الابتدائية، من للعاقل تحمل معنى العدد القليل أو القلة، بينما استعمال (الذين) يدل على الكثرة، أنفق من المال بشكل عام.

{مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ}: أي فتح مكة.

{وَقَاتَلَ}: في سبيل الله الكفارَ وأعداء الإسلام، ولم يذكر من بعد الفتح وقاتل؛ لوضوح المعنى, ولم يقل من قبلُ وقاتل: ضمّ اللام يدل على زمن محدد أو مكان محدد، أمّا كسرها يدل على زمن غير محدد قريب أو بعيد من قبل الفتح.

{أُولَئِكَ}: اسم إشارة واللام للبعد؛ يفيد المدح والعلو.

{أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا}: أي من بعد فتح مكة؛ لأنّ حاجة النّاس قبل فتح مكة للمال والإنفاق كانت أشد، وكذلك العدد عدد المسلمين كان أقل وأضعف, أمّا بعد فتح مكة فقد دخل في الإسلام العدد الكبير من النّاس وغنموا من غنائم خيبر وغيرها.. فكانت حالتهم المادية أفضل.

{وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى}: أي وكلا الفريقين مَنْ أنفق وقاتل من قبلِ الفتح ومَن أنفق وقاتل من بعد الفتح كلاهما وعد الله الحسنى: وهي الجنة، مع تفاوت درجاتهم.

{وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}: خبير: أي يعلم بواطن الأمور ومن يعلم بواطن الأمور فهو بالأحرى يعلم ظواهرها؛ أي: يعلم كلاهما, وقدّم تعملون على خبير؛ لأنّ السّياق في الأعمال والإيمان والإنفاق.