{اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ}: الخطاب موجّه إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وإلى أمته على ما يقولون: على ما يقوله كفار مكة عنك بأنّك ساحر أو كاهن أو شاعر وغيره من الأباطيل، واصبر على ما يقولون: ربنا عجّل لنا قطّنا، استهزاءً، ويقولون: بصيغة المضارع؛ أي: اصبر بشكل متجدد ومتكرر أو دائم الصّبر، اصبر كما صبر أولو العزم من الرّسل أو كما صبر إخوانك من الرّسل.
{وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ}: اصبر واذكر: صبر داود على العبادة والطّاعة فقد ذكر في الصّحيحين (البخاري ومسلم) من حديث عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أحبُّ الصّيام إلى الله صيام داود؛ كان يصوم يوماً ويفطر يوماً، وأحبُّ الصّلاة إلى الله صلاة داود؛ كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه. عبدنا: اختار هذه الكلمة تشريفاً له إنه كان عبداً ونبياً وملكاً، ذا الأيد: أي ذا القوة في العبادة والطّاعة رغم كونه نبياً مكلفاً بأعباء النّبوة، والملك: الحكم.
{إِنَّهُ أَوَّابٌ}: إنّه: للتوكيد، أوّاب: صيغة مبالغة؛ أي: كثير الرّجوع إلى ربه بالتوبة والإنابة، أو سريع التّوبة إلى الله، أوّاب: صيغة مبالغة من آب الرّجل إلى أهله؛ أي: رجع، وإذا قارنا أواب، وأناب، كما في الآية (٢٤) من نفس السورة، أواب: كثير الرجوع إلى الله بالتوبة والاستغفار، وأناب: سريع التوبة، أو الرجوع إلى الله تعالى؛ أي: الإقبال.