{سِيرُوا فِى الْأَرْضِ}: السّير الانتقال، الارتحال من مكان إلى مكا ن للسفر والسّياحة، سيروا في الأرض ليس سيروا على الأرض؛ لأنّ الغلاف الجوي المحيط بالأرض يعتبر جزءاً من الأرض.
{فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ}: الفاء للترتيب والمباشرة؛ أي: سافروا للتأمّل والتّفكر والعبرة، فانظروا نظرة تأمل وتفكر نظرة قلبية كيف بدأ الخلق؛ أي: لأوّل مرة؛ أي: النشأة الأولى؛ أي: الخلق الأوّل منذ ملايين السّنين، أما لو قال كيف يبدأ الخلق؛ يعني: يكرر ويجدد، وإعادته بعد الخلق الأول كما نرى في إحياء الأرض بعد موتها كلّ عام. ارجع إلى سورة الأنعام آية (١١)؛ للمقارنة بين قوله تعالى:{قُلْ سِيرُوا فِى الْأَرْضِ فَانْظُرُوا}[النمل: ٦٩]، وقوله تعالى:{قُلْ سِيرُوا فِى الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا}[الأنعام: ١١].
{ثُمَّ اللَّهُ}: ثمّ للترتيب والتّراخي في الزّمن.
{يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ}: يعني البعث: بعث الخلائق يوم القيامة للحساب، وهذه كذلك نظرة قلبية؛ لأنها ستحدث في المستقبل.
الخلاصة عندنا ثلاثة أنواع:
١ - الخلق الأوّل (بدء الخلق).
٢ - يبدأ الخلق (يعني إعادة الخلق كلّ عام أو كلّ زمن كما في إحياء الأرض، وخلق البشر المستمر).
٣ - النّشأة الآخرة هي البعث للحساب.
وانتبه إلى قوله تعالى:(كيف بدأ الخلق) أضمر أو حذف ولم يذكر الله فقال: (كيف بدأ الخلق)؛ لأنّ الكل ومنهم الكافرون يؤمنون بأن الله هو الخالق كما بيّنّا في آية الزّخرف (٨٧) ولقمان (٢٥) ولكن المصيبة هي عدم إيمانهم بالبعث أو النّشأة الأخرى ولذلك ذكر وأفصح عن اسمه فقال: (ثمّ الله ينشئ النّشأة الآخرة).
{إِنَّ اللَّهَ}: إن للتوكيد، على كلّ شيء قدير. ارجع إلى الآية (٢٠) من سورة البقرة للبيان. لا يعجزه خلق أو بعث أو إعادة.