للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

سورة غافر [٤٠: ١١]

{قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ}:

تعريف الموت: هو عدم الحياة مطلقاً هو انعدام الحياة (عدم وجود أي أثر للحياة)، ويكون ذلك بخروج الروح من الجسم (الجسد)، أو عدم وجود لا جسم ولا روح؛ فالروح هي التي تبعث الحياة في الجسم، والموت: هو إذهاب الحياة بعد الموت؛ أي: خروج الرّوح من البدن، فالموت هو العدم المطلق سواء كان قبله حياة أو لم تكن قبله حياة.

{أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ}: أي إماتتين أو موتتين الأولى حين كنا أمواتاً في أصلاب الآباء، والثّانية: الموت الّذي يحدث بانقضاء الأجل (الموت المعروف) بعد الحياة الدّنيا.

{وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ}: الأول: حين الولادة والقدوم إلى الحياة الدّنيا أو التي بدأت (في أرحام الأمهات) والثّاني: حين البعث والنّشور.

ونظير هذه الآية قوله تعالى: {كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [البقرة: ٢٨].

{فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا}: الفاء للمباشرة والتّعقيب، بذنوبنا: كالشّرك والكفر والفساد والعصيان وإنكار البعث والحساب أو الجدال في الآيات.

أما سرّ اعترافهم هذا: هو أنّهم يرجون من وراء الاعتراف الخروج من النّار مستعطفين قائلين: فهل إلى خروج من سبيل؟ وقد بيّن الله سبحانه في آية أخرى أنّ الاعتراف بالذّنب في ذلك الوقت يوم القيامة لا ينفع كما قال الله تعالى: {فَاعْتَرَفُوا بِذَنبِهِمْ فَسُحْقًا لِّأَصْحَابِ السَّعِيرِ} [الملك: ١١].

وقولهم: {رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ} [السّجدة: ١٢].

{فَهَلْ}: الفاء للتوكيد، هل: استفهام للتمنّي.

{إِلَى}: تشمل كلّ الغايات.

{خُرُوجٍ}: خروج نكرة؛ تعني أيّ نوع من الخروج: سريع بطيء قريب أو بعيد. أو خروج من أيّ عذاب مهما كان نوعه أو شكله.

{مِنْ}: استغراقية تشمل أيّ سبيل أو طريق أو وسيلة مهما كانت.

{سَبِيلٍ}: من طريق للخروج والنّجاة؛ سبيل: نكرة؛ أي: هل هناك من أيّ طريق للخروج من النّار والعودة إلى الدّنيا أو النّجاة من النّار؟

إذن فلا خروج ولا سبيل كما قال تعالى: {كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} [المؤمنون: ١٠٠].

وقولهم هذا دليلٌ على يأسهم وتحيّرهم، وجواب الاستفهام حُذف؛ أي: لا سبيل ولا خروج، وعلل ذلك بقوله: {وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ} [الأنعام: ٢٨].