للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• مستند الإجماع: يستند الإجماع إلى عدة أدلة، منها:

الأول: قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} (١).

وجه الدلالة من وجهين:

١) أن اللَّه جل جلاله أمر بالسعي عند المناداة، وهذا يقتضي أن من تشاغل عن السعي بأي أمر فقد خالف أمر اللَّه الذي أمر به.

٢) أن اللَّه نهى عن البيع بعد النداء، والنهي يقتضي التحريم (٢).

الثاني: عن جابر -رضي اللَّه عنه- قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "تحرم التجارة عند الأذان، ويحرم الكلام عند الخطبة، ويحل الكلام بعد الخطبة، وتحل التجارة بعد الصلاة" (٣).

الثالث: عن ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- قال: [لا يصلح البيع يوم الجمعة حين ينادى للصلاة، فإذا قضيت فاشتر وبع] (٤).

النتيجة: صحة الإجماع في النهي عن البيع بعد النداء الثاني من يوم الجمعة لمن تلزمه؛ وذلك لعدم المخالف فيها.


= (٥/ ١٠١)، "المهذب مع المجموع" (٤/ ٣٦٦)، "إعانة الطالبين" (٢/ ٩٥)، "حلية العلماء" (٢/ ٢٢٨)، "المحلى" (٣/ ٢٩٠ - ٢٩٢)، و (٧/ ٥١٧ - ٥١٩).
تنبيه: الحنفية ينصون في هذه المسألة على الكراهة ويقصدون بها الكراهة التحريمية التي يأثم فاعلها بلا نزاع، وقد نبه على هذا ابن الهمام في "فتح القدير" (٦/ ٤٧٦) وهذا متمش مع قاعدتهم المبنية على أن النهي إذا كان بأخبار ظنية فإنهم يطلقون عليه الكراهة.
(١) الجمعة: الآية (٩).
(٢) ينظر: "بدائع الصنائع" (٥/ ٢٣٢)، "تبيين الحقائق" (٤/ ٦٨).
(٣) أخرجه الثعلبي في تفسيره (٩/ ٣١٢)، وإسماعيل بن أبي زياد الشامي في "تفسيره"، كما نقله عنه العيني في "عمدة القاري" (٦/ ٢٠٣). ولم أجد - حسب اطلاعي - من أخرج الحديث غيرهما، ولا من حكم عليه، ومعلوم أن الثعلبي لا يكاد ينفرد بحديث صحيح، وينقل الغث والسمين. ينظر: "مجموع الفتاوى" (١٣/ ٣٨٦)، و (٢٩/ ٣٧٧)، و"منهاج السنة النبوية" (٧/ ١٢).
(٤) أخرجه ابن حزم في "المحلى" (٧/ ٥١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>