للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقالت له: إن سالمًا كان منا حيث علمت، كنا نعده ولدًا، وكان يدخل عليّ، فلما أنزل اللَّه -عز وجل- فيه وفي أشباهه أنكرت وجه أبي حذيفة، إذا رآه يدخل عليّ قال: "فأرضعيه عشر رضعات، ثم ليدخل عليك، كيف شاء، فإنما هو ابنك" (١).

النتيجة: ما ذكره الزهري، والليث من الإجماع على أن قليل الرِّضاع وكثيره يحرِّم، غير صحيح؛ للأسباب التالية:

١ - أنه قد نقل عن الليث بن سعد القول بأنه لا يحرِّم إلا خمس رضعات كما قال الشوكاني، ويبعد على العالم أن يحكي الإجماع في مسألة ثم يخالفها (٢).

٢ - يحمل كلام الليث بن سعد على أنه لم يقف على خلاف في ذلك، كما قال ابن عبد البر (٣).

٣ - أنه قد وقع خلاف من زمن الصحابة على المقدار المحرِّم من الرضاع، وهذا الخلاف وقع لدى التابعين، ومن بعدهم من أئمة المذاهب، بين من يرى أن التحريم يقع بثلاث رضعات، وبخمس، وبسبع، وبعشر.

[٨ - ٤٢٨] الرضاع عشر مرّات يقع بها التحريم:

إذا ارتضع طفل من امرأة عشر رضعات في الحولين فقد وقع بها التحريم، ونُقل الاتفاق على ذلك.

• من نقل الاتفاق: ابن حزم (٤٥٦ هـ) حيث قال: "واتفقوا أن امرأة عاقلة حية، غير سكرى، إن أرضعت صبيًا عشر رضعات متفرقات، . . . فتمت العشر قبل أن يستكمل


(١) أخرجه الإمام أحمد بهذا اللفظ في "المسند" (٢٦٣١٥) (٤٣/ ٣٤٢). قال شعيب الأرنؤوط في تحقيقه للمسند: حديث صحيح دون قوله: "فأرضعيه عشر رضعات".
قال ابن حزم: وهذا إسناد صحيح إلا أنه لا يخلو من أحد وجهين لا ثالث لهما:
أحدهما: أن يكون ابن إسحاق وهم فيه؛ لأنه قد روى هذا الخبر عن الزهري من هو أحفظ من ابن إسحاق، وهو ابن جريج فقال فيه: "أرضعيه خمس رضعات".
الثاني: أو يكون محفوظا فتكون رواية ابن إسحاق صحيحة، ورواية ابن جريج صحيحة، فيكونان خبرين اثنين، فإذا كان ذلك فالعشر رضعات منسوخات، فسقط هذا الخبر إذ لا يخلو ضرورة من أن يكون وهمًا أو منسوخًا، لا بد من أحدهما. انظر: "المحلى" (١٠/ ١٩٣).
(٢) "زاد المعاد" (٥/ ٥٧١)، "نيل الأوطار" (٧/ ١٠٩).
(٣) "الاستذكار" (٦/ ٢٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>