للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنما بالدليل والبرهان.

الدليل الثاني: أن الأمة اعتمدت على انعقاد الإجماع على خلافة أبي بكر الصديق -رضي اللَّه عنه- عندما اتفق عليه أكثر الصحابة، في حين خالف بعضهم في ذلك، فلو لم يكن إجماع الأكثرية حجة مع مخالفة الأقل، لما ثبتت خلافة أبي بكر الصديق -رضي اللَّه عنه- بالإجماع.

وأجيب عن هذا، بعدم التسليم له، حيث إن الصحابة أجمعوا جميعًا على خلافته، والذين تأخروا منهم عن مبايعته، إنما كان ذلك لعذر، وقد ظهر منهم الموافقة على ذلك فيما بعد.

الترجيح: بعد تتبع أدلة الفريقين، ظهر لي -واللَّه أعلم- أن الراجح هو القول الأول، وذلك، لقوة أدلة القائلين به، وضعف أدلة القول الثاني.

الشرط الثاني: أن يتصف المجمعون بالعدالة: والعدالة: صفة في الإنسان، تحمله على ملازمة تقوى اللَّه تعالى، واجتناب كل ما يخل بالمروءة (١).

وهذا الشرط، قد اختلف العلماء فيه على قولين: القول الأول: وهو للجمهور، أن العدالة شرط يجب توفره في جميع المجمعين، وعليه، فلا اعتبار بمخالفة الفاسق (٢).


(١) معجم مصطلحات أصول الفقه، ص ٢٨٠، الإحكام (٢/ ٨٨).
(٢) اتفق العلماء على أنه لا يعتد بإجماع غير المسلمين، وكذلك المبتدعة الذين أدت بدعتهم إلى كفرهم -عند من يرى ذلك- ولو كانوا أهل اجتهاد من حيث الفقه والدين الإسلامي؛ لأنهم ليسوا داخلين في جملة الأمة المحمدية (أمة الاستجابة)، ولأنهم غير مؤتمنين على أحكام الإسلام. وأما من لا يكفر المبتدع ببدعته، فإنه يعتبر قوله إذا توفرت فيه شروط الاجتهاد. يقول الجويني: والكافر، وإن حوى من علوم الشريعة أركان الاجتهاد، فلا معتبر بقوله أصلا، وافق أو خالف، فإنه ليس من أهل الإسلام، والحجة في إجماع المسلمين، والمبتدع إن كفرناه، لم نعتبر خلافه ووفاقه، وإن لم نكفره، فهو من المعتبرين إذا استجمع شرائط المجتهدين. البرهان في أصول الفقه (١/ ٤٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>