للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المدينة على ذلك، مما يدل على شهرة الخلاف في المسألة (١)، ولكن استقر الإجماع بعد ذلك بين الفقهاء على القول بالمسح على الخفين، فلم يُذكر الخلاف بين الفقهاء بعد ذلك، لتواتر النقل عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، إلا ما روي عن مالك، وقد أنكر صحةَ الرواية عنه أكثرُ أصحابه، ولم يعملوا بها (٢)، فالإجماع في هذه المسألة من قبيل الإجماع بعد الخلاف، وهي مسألة أصولية معروفة، سبقت الإشارة لها عدة مرات، وهو حجة على الصحيح، خاصة مع ورود النصوص المتواترة في المسألة، واللَّه تعالى أعلم.

[[٢ - ١٦٧] اشتراط لبس الخفين على طهارة]

إذا أراد المسلم الوضوء والمسح على الخفين، فإنه يشترط لذلك أن يكون قد أدخل الخفين على طهارة (٣).

• من نقل الإجماع: ابن عبد البر (٤٦٣ هـ) حيث يقول: "وأجمع العلماء على أنه لا يجوز أن يمسح على الخفين إلا من لبسهما على طهارة" (٤). ونقله عنه القرافي بغير لفظه (٥).

البغوي (٥١٦ هـ) حيث يقول: "وفيه (٦) دليل على أن المسح على الخفين إنما يجوز إذا لبسهما على كمال الطهارة، وهذا قول عامة أهل العلم" (٧).

الكاساني (٥٨٧ هـ) حيث يقول: "ولو لبس خفيه وهو محدث، ثم أحدث قبل أن يتم الوضوء، ثم أتم، لا يجوز المسح بالإجماع" (٨).

ابن رشد (٥٩٥ هـ) حيث يقول: "وأما شرط المسح على الخفين؛ فهو أن تكون الرجلان طاهرتين بطهر الوضوء، وذلك شيء مجمع عليه إلا خلافًا شاذًّا، وقد روي عن


(١) "المنتقى شرح الموطأ" (١/ ٧٧).
(٢) "الاستذكار" (١/ ٢١٨)، و"الفتاوى الكبرى" لابن تيمية (١/ ٣١٩).
(٣) الطهارة في المسألة لا تعني الطهارة الكاملة، حيث إن بعض أهل العلم لا يرون وجوب الترتيب في الوضوء، فإذا غسل المتوضئ قدميه وأدخلها الخف، ثم أكمل وضوءه، فهذا العمل عندهم صحيح، ويمسح عليهما، لأنهم لا يوجبون الترتيب، فلا نتحدث عن هذا، إنما نتحدث عن إدخالهما على طهارة، دون تفصيل.
(٤) "الاستذكار" (١/ ٢٢٥)، وانظر: "شرح الخرشي" (١/ ١٧٩).
(٥) "الذخيرة" (١/ ٣٢٥).
(٦) يريد حديث المغيرة الآتي في المستند.
(٧) "شرح السنة" (١/ ٤٥٧).
(٨) "بدائع الصنائع" (١/ ٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>