للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النوع الثالث: القتل شبه العمد: أن يقصد الفعل العدوان والشخص بآلة لا تقتل في الغالب، فيموت بذلك، كأن يضربه بسوط خفيف أو لكمة خفيفة في غير مقتل، وسمي كذلك، لأن الجاني قصد الاعتداء، ولكنه لم يقصد القتل، فاجتمع فيه العمد والخطأ (١). فشبه العمد ما جمع أوصافا ثلاثة وصفين منها في قتل العمد، ووصف يختص به:

١ - أن يقصد الجاني إلى الجناية.

٢ - أن يقصد الجاني الشخص المجني عليه.

٣ - أن تكون الآلة المجني بها مما لا يقتل غالبا.

والقتل شبه العمد محرم، لاشتماله على التعدي والظلم، يقول اللَّه سبحانه: {وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [البقرة: ١٩٠].

ومعلوم أن الجاني في القتل شبه العمد، قد قصد التعدي، وإن كان لم يقصد القتل. ويترتب على القتل شبه العمد أمور، منها:

الأمر الأول: وجوب الدية المغلظة وتكون على عاقلته، أي: قرابته من جهة أبيه، وذلك من باب النصرة وإعانة له، وذلك لما جاء عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "ألا إن دية الخطأ شبه العمد، ما كان بالسوط والعصا، مائة من الإبل، منها أربعون في بطونها أولادها" (٢).

الأمر الثاني: وجوب الكفارة على القاتل، وهي حق للَّه تعالى، وتجب وإن


(١) ينظر: بدائع الصنائع (٧/ ٢٣٣)، الكافي لابن عبد البر (ص: ٥٨٧)، روضة الطالبين (٩/ ١٢٢)، الكافي لابن قدامة (٤/ ٣).
(٢) أخرجه أبو داود في سننه، كتاب الديات، باب الخطأ شبه العمد برقم (٤٥٤٧)، وابن ماجه في سننه، كتاب الديات، باب دية شبه العمد مغلظة، برقم (٢٦٢٧)، والنسائي في سننه، كتاب القسامة، باب قتيل السوط والعصا، برقم (٤٧٩١)، وصححه ابن حبان في صحيحه برقم (٦٠١١)، وابن الجارود في المنتقى برقم (٧٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>