للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأول: من شروط السلم: أن يكون مالا متقوما يُنتفع به شرعا، والخمر ليست كذلك، وأهل الذمة يُقرُّون على بيعها بينهم، فإذا أسلم أحدهما أو كلاهما، فإنه تذهب مالية الخمر التي أُسلم عليها، ويبطل السلم، ويُلزم حينئذ برد رأس المال.

الثاني: القياس على البيع: فكما أنه لا يجوز العقد على العين المحرمة ابتداء، فلأن يكون التحريم إذا كانت مملوكة بالعقد دينًا من باب أولى.

• المخالفون للإجماع:

خالف في هذه المسألة: الليث، وقال: إذا أسلم المشتري، أُخِذ منه قيمة الخمر يوم تقاضاه، فإن كانت القيمة أقل من رأس المال أخذ ذلك رهنًا، وإن كانت القيمة أكثر من رأس المال أعطي تلك القيمة، ولم يعط المسلم أكثر من رأس المال (١). فهو يوافق العلماء على أن السلم يرد، لكن يخالفهم في كيفية الرد، ولم أجد دليلًا يستدل به على قوله.

وكذلك لم أجد من وافقه على هذا القول، فإن ثبت عنه فهو قول شاذ لا يعتد به.

النتيجة: صحة الإجماع في المسألة، وذلك لشذوذ القول المخالف فيها.

٣٢] عدم صحة السلم الذي أُبطل فيه الخيار بعد هلاك السلعة أو استهلاكها:

• المراد بالمسألة: من المتقرر أن خيار الشرط لا يصح في السلم، ويبطل العقد معه، فإذا شرطه أحد المتعاقدين، ثم نقضه قبل افتراقهما، وتبيَّن أن رأس مال السلم قد تلف أو استهلك، فإن العقد يبقى غير صحيح، بإجماع العلماء.

• من نقل الإجماع:

• الكاساني (٥٨٧ هـ) يقول: [لو أبطل صاحب الخيار خياره قبل الافتراق بأبدانهما، ورأس المال. . . كان هالكًا، أو مستهلكًا، لا ينقلب -أي: العقد- إلى الجواز، بالإجماع] (٢).


(١) "مختصر اختلاف العلماء" (٣/ ٢٨).
(٢) "بدائع الصنائع" (٥/ ٢٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>