للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقولنا (في عصر من الأعصار) ليَرفع وهمَ من يتوهّم أن المراد بالمجتهدين من يوجد إلى يوم القيامة؛ فإنه يؤدي إلى عدم تصور الإجماع.

والمراد بالعصر من كان من أهل الاجتهاد في الوقت الذي حدثت فيه المسألة وظهر الكلام فيها، فهو من أهل ذلك العصر، ومن بلغ هذا بعد حدوثها فليس من أهل ذلك العصر (١).

[المبحث الثاني: حجية الإجماع.]

يقول الآمدي (٢): اتفق أكثر المسلمين على أن الإجماع حجة شرعية يجب العمل به على كل مسلم، خلافا للشيعة، والخوارج، والنَظّام (٣) من المعتزلة (٤).

أولًا: أدلة الجمهور المثبتين لحجية الإجماع: وقد استدلوا بالكتاب والسنة والمعقول:

فمن الكتاب، استدلوا بآيات، منها: أوّلًا: قوله تعالى: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (١١٥)} [النساء: ١١٥].


(١) ينظر لشرح التعريف: البحر المحيط (٣/ ٤٨٧)، الإحكام للآمدي (١/ ٢٥٥)، التقرير والتحبير (٣/ ١٠٧).
(٢) هو علي بن أبي علي بن محمد بن سالم أبو الحسن التغلبي الآمدي، ولد سنة (٥٥١ هـ)، كان حنبليا، ثم شافعيا، تفنن في علم النظر، وكان عالمًا في أصول الفقه وأصول الدين والفلسفة، له مؤلفات كثيرة، منها: الإحكام في أصول الأحكام، منتهى السول في الأصول، توفي سنة (٦٣١ هـ). ينظر: طبقات الشافعية الكبرى، (٨/ ٣٠٦)، طبقات الشافعية، لابن قاضي شهبة (٢/ ٧٩).
(٣) هو إبراهيم بن سيار بن هانئ أبو إسحاق البصري، المشهور بالنظام، أحد أئمة المعتزلة، كان متبحرا في علم الفلسفة، وانفرد بآراء خاصة به، وقد تابعه على ذلك جماعة من المعتزلة سميت (النظامية)، نسبة إليه. قيل: سمي بذلك، لإجادته نظم الكلام، وقيل: لأنه كان ينظم الخرز في سوق البصرة. ينظر: سير أعلام النبلاء (١٠/ ٥٤١)، الوافي بالوفيات (٦/ ١٢).
(٤) الإحكام في أصول الأحكام (١/ ٢٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>