للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - أن جميع التعريفات جعلت الاتفاق للعلماء المجتهدين، ما عدا الغزالي حيث جعله لكل الأمة.

٣ - أن جميع التعريفات اشترطت أن يكون الإجماع إجماع أهل العصر، ما عدا الغزالي فإنه أطلق العبارة، ولم يقيده بعلماء العصر.

• واعتُرض على تعريف الغزالي من وجهين (١):

١ - أن الإجماع على تعريف الغزالي لا يمكن أن ينعقد إلى يوم القيامة؛ لأن أمة محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- هي جملة من اتبعه إلى يوم القيامة، وأي اتفاق على حكم شرعي في بعض العصور لا يصدق عليه هذا التعريف (٢).

٢ - أنه يلزم من هذا التعريف أنه لو خلا العصر عن مجتهدين، واتفق سائر العوام على حكم شرعي أنه يعد إجماعًا، والأمر ليس كذلك.

وعلى هذا يمكن الخروج بتعريف متصور عن الإجماع -وهو تعريف الجمهور- فأقول: الإجماع هو اتفاق مجتهدي أمة محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- في عصر من العصور على أمر ديني.

• شرح التعريف (٣):

" اتفاق": الاشتراك في الأقوال، والأفعال، والسكوت، والتقريرات.

"مجتهدي": قيد خرج به اتفاق غير المجتهدين من العوام، فلا يعدّ اتفاقهم إجماعًا.

"أمة محمد -صلى اللَّه عليه وسلم-": قيد خرج به اتفاق مجتهدي الأمم السابقة من اليهود والنصارى، فإن اتفاقهم علي أي أمر ديني لا يعد إجماعًا في حقنا.

"عصر من العصور": أن يحدث الاتفاق من المجتهدين على حكم الأمر الديني، في ذلك العصر الذي وقعت فيه الحادثة، ومن ثم لا يعتد بخلاف من صار مجتهدًا في عصر الحادثة بعد وقوعها.

"أمر ديني": أي: ما يتعلق بالدين، أما ما كان من الاتفاق على أمر دنيوي لا علاقة له بالدين فلا يعد إجماعًا شرعيًّا.


(١) "الإحكام" للآمدي (١/ ٢٥٤).
(٢) قال الآمدي: وهذا ليس مذهبًا للغزالي، ولا لمن يقول بالإجماع.
(٣) انظر: "الإحكام" للآمدي (١/ ٢٥٥)، و"شرح مختصر الروضة" (٣/ ٦)، و"إرشاد الفحول" (ص ١٣٢)، و"أصول الفقه الإسلامي" للزحيلي (١/ ٤٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>