بعد هذا التطواف مع هذه المسائل، وقبل أن أضع القلم أسجل في هذه العجالة أبرز النتائج والتوصيات التي خلُص إليها الباحث في بحثه، علها أن تكون بلغة للعجلان.
أما النتائج فهي:
أولًا: أن المسائل التي حكي فيها الإجماع كثيرة، وليست قليلة، كما يتبادر إلى الناظر أول وهلة، وقد بلغت عدد المسائل التي بحثها الباحث [٣٦٥] مسألة، صح الإجماع في [٢٧٦] مسألة، والباقي لم يثبت لدى الباحث الإجماع فيها.
ثانيًا: ضعف اهتمام العلماء بهذا الدليل، وذلك بالنظر إلى التراث الفقهي الزاخر الذي خلَّفه لنا العلماء، فالكتب الفقهية على اختلاف المذاهب والأزمنة لا تُحصى كثرة، ومع هذا ربما تمر المسائل، ولا ينقل فيها الإجماع إلا عالم أو عالمان، ولعل من أسباب ذلك أن الإجماع دليل تبعي وليس استقلالي، ولم يكن منتشرا في الصدر الأول من هذه الأمة، ولذا فلا غرو أن تجد الإجماعات نادرة في تلك الحقبة من الزمان، ومما يشهد لهذا أن أَقدم إجماع مر على الباحث في بحثه، ما نقل عن الإمام محمد بن الحسن الشيباني، في مسألة بيع أمهات الأولاد، المتوفى عام (١٨٩ هـ)، ثم بعد هذا انتشر التمذهب في المدارس الفقهية، فضعف النظر في الأقوال الأخرى والاهتمام بها، وهذا من آثاره عدم الالتفات إلى الإجماع، إلا في القليل النادر.
ثالثًا: ما من عالم إلا ويقع له الوهم في حكاية الإجماع، وهذا من طبيعة البشر التي جبلهم اللَّه عليها، وقد أبى اللَّه عز وجل إلا أن يكون الكمال له سبحانه وتعالى، ولعل من أسباب وقوع الوهم عند العلماء في هذا الباب أن العالم يعتمد على كتاب واحد في نقل أقوال المذاهب الأخرى، وقد يكون في المذهب ثمة رواية لم يطلع عليها، فيحكي الإجماع وهو غير مطلع على هذه الرواية، ولذا غالب المخالفات إنما هي