للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يدخل في وجوب الصيام فكذلك هنا.

وقد نقل الحافظ ابن حجر كلام الشافعي ثم علق على قول زفر بقوله: "فعلى هذا فزفرُ محجوجٌ بالإجماع قبله، وكذا من قال ذلك من أهل الظاهر بعده، ولم يثبت ذلك عن مالكٍ صريحًا" (١).

وخالف ابن حزمٍ؛ فقال بأن غسل اليدين من دون المرفقين مجزئ (٢).

واستدل بأن "إلى" في لغة العرب تكون بمعنى الغاية، وبمعنى مع، قال اللَّه تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ} بمعنى مع أموالكم، فلما كانت تقع على هذين المعنيين وقوعًا صحيحًا مستويًا، لم يجز أن يقتصر بها على أحدهما دون الآخر، فيكون ذلك تخصيصًا لما تقع عليه بلا برهان، فوجب أن يجزئ غسل الذراعين إلى أول المرفقين بأحد المعنيين (٣).

النتيجة: أن الإجماع غير متحقق؛ لوجود المخالف في المسألة، أما كلام ابن حجر السابق، فغير دقيق لأمرين:

الأول: أن الخلاف منقولٌ عن زفر بن الهذيل، وهو متوفى سنة ١٥٨ هـ رحمه اللَّه، فهو سابقٌ للشافعي بكثير، وعدم علم الشافعي بخلافه لا يعني عدمه.

الثاني: أن الخلاف منقولٌ عن أحمد أيضًا، وهو من معاصري الشافعي، فلم يثبت الإجماع، واللَّه تعالى أعلم.

[[١٨ - ١٢٧] الكمال والتمام بغسل المرفقين مع اليدين]

هذه المسألة تأتي وكأنها استكمالٌ للمسألة السابقة، فبعد أن ناقشنا دخول المرفقين من اليد في الوضوء، وأنه لم يثبت الإجماع فيها، أتت هذه المسألة لتجمع الفُرَقاء، فهم كلهم مجمعون على أن من غسل المرفقين؛ فقد أدى الكمال والتمام.

• من نقل الاتفاق: ابن حزم (٤٥٦ هـ) حيث يقول: "واتفقوا على أنه إن غسلهما وغسل مرفقيه وخلل أصابعه بالماء، وما تحت الخاتم فقد تم ما عليه في الذراعين" (٤).


(١) "فتح الباري" (١/ ٢٩٢).
(٢) "المحلى" (١/ ٢٩٧).
(٣) "المحلى" (١/ ٢٩٧)، وهو يرى أنها إذا كانت بمعنى الغاية فإن المرفقين لا يدخلان.
(٤) "مراتب الإجماع" (٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>