فلعل هذا البحث أن يَسدَّ الطريق عليهم، ويغلق المنافذ التي ولجوا منها للوصول إلى هذه الثغرات.
• أسباب اختيار البحث:
ترجع أسباب اختيار الباحث للبحث إلى أمور أهمها:
أولًا: عدم وجود دراسات سابقة تجمع بين الشمول والتمحيص متخصصة في هذا الباب.
ثانيًا: قلة الكتب المؤلفة في هذا الباب عند المتقدمين، وهذا البحث يجمع شتات ما تفرق في بطون الكتب من الإجماعات المتناثرة فيها، فيكون هذا من المساهمة في إبراز هذا الدليل للعلماء والمتعلمين، وتقريب مسائله، حتى يسهل الوصول إليها بعيدا عن العناء والمشقة.
ثالثًا: أنه بمعرفة الإجماع يجعل الأمة كلها تقف على دليل من الأدلة القطعية التي لا تجوز لهم مخالفته، فلا يتعدوا حَدَّه، ولا يتجاوزوا رسمه، إذا نظروا في المسائل والنوازل.
رابعًا: إعانة الباحثين على تحرير محل النزاع في المسائل الفقهية، وذلك لا يتم إلا بمعرفة مواطن الإجماع في المسألة.
خامسًا: هذا البحث يُعرَّف الباحث بالإجماعات الصحيحة من الضعيفة، وكذلك الإجماعات المذهبية من الإجماعات المرادة بالمعنى الأصولي؛ إذ المسائل التي حُكي فيها الإجماع كثيرة جدًّا، لكن ليس كل ما حُكي فيه الإجماع يعتبر إجماعًا صحيحًا، لذا فلا غرابة في مقولة أبي إسحاق الإسفراييني (١) حين يقول: [نحن نعلم أن مسائل الإجماع أكثر من عشرين ألف مسألة. وبهذا يُردُّ قول الملحدة: إن هذا الدين كثير الاختلاف؛ إذ لو كان حقًّا لما اختلفوا فيه. فنقول:
(١) إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن مهران أبو إسحاق ركن الدين الإسفراييني الشافعي، الأستاذ الإمام أحد من بلغ حد الاجتهاد، من العلماء المتبحرة في العلوم، أخذ في التصنيف والإفادة والتدريس مدة مديدة، من آثاره: "جامع الحلي في أصول الدين والرد على الملحدين". توفي في نيسابور عام (٤١٨ هـ). "طبقات ابن الصلاح" (١/ ٣١٢)، "طبقات ابن شهبة" (١/ ١٧٠)، "الأنساب" (١/ ١٤٤).