للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثالث: أنها معاوضة عقدت مطلقة، فلا ينفرد أحد العاقدين فيها بالفسخ، إلا عند العجز عن المضي في موجب العقد، من غير تحمل ضرر: كالبيع (١).

• المخالفون للإجماع:

خالف في هذه المسألة: شريح القاضي، فقال: بجواز الإجارة، وأن لكل واحد من المتعاقدين الفسخ متى شاء (٢).

واستدل لقوله: بالقياس على العارية، فهي عقد جائز غير لازم لكل واحد فسخه متى شاء، فكذلك الإجارة، بجامع أن كلا منهما إباحة منفعة (٣).

ولم أجد من وافقه عليه، فهو إن ثبت عنه يعد قولا شاذا (٤) واللَّه أعلم.

النتيجة: صحة الإجماع في المسألة؛ وذلك لشذوذ الخلاف فيها.

[٣٥] بطلان ما فات من العين المستأجرة]

• المراد بالمسألة: حين يستأجر المستأجر العين، ويريد الانتفاع بها، ثم أصابها مانع منعه من الانتفاع بها، كأن يموت العبد، أو تَنْفق الدابة. أو من بعضها، كأن يحدث غرق لجزء من الأرض المستأجرة: إما من المطر، أو من ماء نبع فيها. فإن كان المانع من الانتفاع بها قبل قبضها، فإن الإجارة تنفسخ بلا خلاف بين العلماء. وإن كان المانع من الانتفاع ببعضها، فإن للمستأجر الخيار بين: فسخ العقد، أو عدمه مع لزوم الأجرة عليه في الباقي منها دون ما غرق، وهذا أمر مجمع عليه بين العلماء.

• من نقل الإجماع:

• ابن قدامة (٦٢٠ هـ) يقول: [من استأجر عينا مدة، فحيل بينه وبين الانتفاع بها، لم يخلُ من أقسام ثلاثة: أحدها: أن تتلف العين، كدابة تَنْفق، أو عبد


(١) المصدر السابق.
(٢) "الأم" (٤/ ٣١)، "المبسوط" (١٦/ ٢)، "بدائع الصنائع" (٤/ ٢٠١).
(٣) ينظر: "بدائع الصنائع" (٤/ ٢٠١).
(٤) يقول ابن تيمية: [وإن شذ بعض المتأخرين فحكى فيه نزاعا في بعض ذلك، فذلك مسبوق باتفاق الأئمة]. "مجموع الفتاوى" (٣٠/ ٢١٨). وأقول: لا أظن بأن مقصود ابن تيمية هو شريح؛ لأن شريحا من المتقدمين، بل أدرك الخلفاء الراشدين، فاللَّه أعلم بمقصوده.

<<  <  ج: ص:  >  >>