للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• وجه الدلالة: أن عليًّا -رضي اللَّه عنه- نص على أن الدين ليس بالرأي، والمقصود هنا القياس، بمعنى أن العبادات لا يدخلها القياس، ولذا استدل بهذا الحديث منكرو القياس (١)، ثم قال بأنه رأى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يمسح على الظاهر، وهذا استدلال منه على قوله الأول بأنه رَأَى، والواجب حينئذ الاتباع، مع أن القياس يقول بأن الباطن أولى بالمسح، واللَّه تعالى أعلم.

٢ - أننا لو قلنا بأنه من طريق القياس لوجب القول بالمسح على القفازين، وعلى كل ما غيب الذراعين، من غير علة ولا ضرورة، فدل على أن المسح على الخفين خصوص لا يقاس عليه ما كان في معناه (٢).

النتيجة: أن الإجماع متحقق؛ لعدم وجود المخالف في المسألة، واللَّه تعالى أعلم.

[[٥ - ١٧٠] المسح على الخفين غير واجب]

إذا أراد إنسان أن يتوضأ، وهو لابسٌ خفيه، فلا يجب عليه أن يمسح عليهما في وضوءه (٣).

• من نقل الإجماع: الصنعاني (١١٨٢ هـ) حيث يقول: "وظاهر قوله: (يأمرنا) (٤) للوجوب، ولكن الإجماع صرفه عن ظاهره؛ فبقي للإباحة وللندب" (٥).

• الموافقون على الإجماع: وافق على هذا الإجماع الحنفية (٦)، والمالكية (٧)، والشافعية (٨)، والحنابلة (٩)، وابن حزم (١٠).

• مستند الإجماع: غسل الرجلين ركن من أركان الوضوء، والواجب فيهما الغسل، ولكن رُخص للتيسير في المسح على الخفين، وليس أمامَنا إلا أمران؛ إما الغسل وهو الأصل، أو المسح وهو الرخصة، فإذا أوجبنا المسح فهو مقابل الأصل، ولا يمكن أن


(١) "المحلى" (١/ ٨٢).
(٢) "الاستذكار" (١/ ٢١٢).
(٣) وليس من مسألتنا مَن ينزع الخف تعبدًا، فنحن نأخذ المسائل بالعموم، وليس بفروعها.
(٤) يعني: قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في حديث صفوان بن عسال، حيث قال: "كان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يأمرنا إذا كنا سفرًا أن لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن، إلا من جنابة، ولكن من غائط وبول ونوم" وسبق تخريجه.
(٥) "سبل السلام" (١/ ٨٤).
(٦) "بدائع الصنائع" (١/ ٧).
(٧) "التاج والإكليل" (١/ ٤٦٥).
(٨) "المجموع" (١/ ٥٠٠).
(٩) "الإنصاف" (١/ ١٦٩).
(١٠) "المحلى" (١/ ٣٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>