للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المبحث الثاني: مكانة الإجماع بين الأدلة الشرعية، وأهميته]

• الإجماع مصدر من مصادر الأحكام الشرعية يأتي في المرتبة الثانية بعد النصوص الشرعية من القرآن والسنة؛ وكون الإجماع يأتي بعد القرآن والسنة في الاستدلال هو مذهب السلف الصالح. وهذه أدلة تبين هذا القول:

١ - ما ورد في كتاب عمر -رضي اللَّه عنه- إلى شريح القاضي (١) حيث قال فيه: "اقض بما في كتاب اللَّه، فإن لم تجد فبما سنّه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فإن لم تجد فبما قضى به الصالحون قبلك، فإن جاء أمر ليس في كتاب اللَّه، ولا قضى به نبيه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولا قضى به الصالحون، فليجتهد رأيه" (٢)، وفي رواية: "فبما أجمع عليه الناس" (٣).

٢ - ما ورد عن ابن مسعود (٤) -رضي اللَّه عنهما- أنه قال: "إذا حضرك أمر لا تجد منه بُدًّا فاقض بما في كتاب اللَّه، فإن عييت فاقض بسنة نبي اللَّه، فإن عييت فاقض بما قضى به الصالحون" (٥).

• قال ابن تيمية: هذا عمر، وابن مسعود قدما الكتاب، ثم السنة، ثم الإجماع، وهذه آثار ثابتة عنهما، وهذا هو الصواب (٦).


(١) هو أبو أمية شريح بن الحارث بن قيس الكندي، من أشهر القضاة في صدر الإسلام، أدرك النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ولم يلقه، وقيل: لقيه، والصحيح الأول، استقضاه عمر على الكوفة، ولم يزل عليها إلى أيام الحجاج فاستعفى، فأقام بها قاضيًا ستين سنة، توفي سنة (٨٧ هـ). انظر في ترجمته: "أسد الغابة" (٢/ ٦٢٤)، و"الإصابة" (٣/ ٢٧٩).
(٢) أخرجه النسائي (٥٣٩٧) (٨/ ١٦٨)، قال النسائي في "الكبرى": هذا حديث جيد. وقال الألباني: صحيح الإسناد، موقوف. انظر: "سنن النسائي الكبرى" (٣/ ٤٦٨)، و"صحيح سنن النسائي" (٣/ ٤٣٧).
(٣) أخرج هذه الرواية البيهقي في "الكبرى" (١٠/ ١١٥).
(٤) هو أبو عبد الرحمن عبد اللَّه بن مسعود الهذلي، أسلم قديمًا وهاجر الهجرتين، وشهد بدرًا والمشاهد بعدها، ولازم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وكان صاحب نعليه، أسلمت أمه قديمًا وكانت من السابقات، أول من جهر بالقرآن بمكة، توفي سنة (٣٢ هـ). انظر في ترجمته: "الإصابة" (٤/ ١٩٨)، و"أسد الغابة" (٣/ ٣٨١).
(٥) أخرجه النسائي - كتاب آداب القضاة - باب الحكم باتفاق أهل العلم - (٥٣٩٨) (٨/ ١٦٨). قال الألباني: صحيح الإسناد، موقوف. انظر: "صحيح سنن النسائي" (٣/ ٤٣٧).
(٦) "مجموع الفتاوى" (١٩/ ٢٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>