للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويبدو أن الثلاثة استفادوا الإجماع من كلام النووي، واللَّه تعالى أعلم.

• الموافقون على الإجماع: وافق على هذا الإجماع الحنفية (١)، والمالكية (٢)؛ أما الحنابلة فلم أجد لهم كلامًا في المسألة.

• مستند الإجماع: قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٩٠)} [المائدة: ٩٠].

• وجه الدلالة: أن الرجس قد يطلق على الخبيث من الأشياء (٣)، فمثلًا: قال تعالى: {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ} [الحج: ٣٠]، والأوثان مكونة في الغالب من الحجارة التي في الأرض، وهي ككسب الحجام أيضًا، فهو خبيث، ولكن لا يعني أنه نجس.

والآية ليس فيها صراحة، بنجاسة هذه الأشياء، فتبقى على الأصل حتى يثبت الضد.

يقول الجصاص في تفسير قوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} [التوبة: ٢٨]: "إطلاق اسم النجس على المشرك؛ من جهة أن الشرك الذي يعتقده يجب اجتنابه، كما يجب اجتناب النجاسات والأقذار؛ فلذلك سماهم نجسًا. . .، وكذلك الرجس، والرجز. . . قال تعالى: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ} [المائدة: ٩٠]، وقال في وصف المنافقين: {فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ} [التوبة: ٩٥] فسماهم رجسًا كما سمى المشركين نجسًا" (٤).

• الخلاف في المسألة: خالف ابن حزم (٥) في المسألة، وقال: هي نجسة، ومن صلى وهو حامل لها بطلت صلاته. واستدل بحمل الآية على ظاهرها.

النتيجة: أن الإجماع غير متحقق، لوجود المخالف في المسألة، واللَّه أعلم.

[[٥٥ - ٣٩٢] نجاسة الخمر]

حرم اللَّه تعالى الخمر في كتابه، ووصفه بأنه رجس، وهو نجس، وقد حكى عدد


(١) "أحكام القرآن" للجصاص (٣/ ١٣٠).
(٢) "أحكام القرآن" لابن العربي (٢/ ١٦٤)، و"تفسير القرطبي" (٦/ ٢٨٦).
(٣) "تفسير القرطبي" (٦/ ٢٨٦).
(٤) "أحكام القرآن" (٣/ ١٣٠).
(٥) "المحلى" (١/ ١٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>