للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النتيجة: أن الإجماع متحقق في سؤر الآدمي المسلم غير النائم، لعدم وجود المخالف في المسألة، وإلى هذا أشار ابن رشد في حكايته، حيث قيده بالمسلمين، ومن عادة الناس في هذا الأمر؛ أنهم يتبادلون الآنية للشرب والاستعمال، من دون نظر وتدقيق في السؤر من حيث وجوده وعدمه، واللَّه تعالى أعلم.

أما سؤر الكافر؛ فقد ثبت فيه الخلاف، كما سبق، فلا إجماع، وكذلك النائم وقد سبق تفصيله، والنوم خلاف الأصل والمعتاد، فلا يقدح هذا في الإجماع، واللَّه أعلم.

[[٤١ - ٣٧٨] طهارة سؤر الحائض]

سؤر الحائض طاهر، وهو من سؤر الآدمي الذي سبق بحثه بلا شك، ولكن لما أُفردت من بعض العلماء بحكاية الإجماع، التزمت بإفرادها بمسألة مستقلة.

• من نقل الإجماع: ابن جرير (٣١٠ هـ) حيث نقل عنه النووي ذلك، فقال بعد قوله: "وسؤرها وعرقها -أي الحائض - طاهران": "وقد نقل ابن جرير إجماع المسلمين على هذا" (١). ونقله ابن مفلح (٢).

الكاساني (٥٨٧ هـ) حيث يقول: "أما السؤر الطاهر المتفق على طهارته؛ فسؤر الآدمي بكل حال، مسلمًا كان أو مشركًا، صغيرًا أو كبيرًا، ذكرًا أو أنثى، طاهرًا أو نجسًا، حائضًا أو جنبًا، إلا في حال شرب الخمر" (٣).

النووي (٦٧٦ هـ) حيث يقول عن الحائض: "وسؤرها وعرقها طاهران، وهذا كله متفق عليه، وقد نقل ابن جرير إجماع المسلمين على هذا، ودلائله في الأحاديث الصحيحة ظاهرة مشهورة" (٤).

أبو بكر الحدادي العبادي (٨٠٠ هـ) حيث يقول: "السؤر على خمسة أنواع؛ سؤر طاهر بالاتفاق. . .، أما الطاهر؛ فسؤر الآدمي، وما يؤكل لحمه، ويدخل فيه الجنب والحائض والنفساء والكافر، إلا سؤر شارب الخمر، ومن دمي فوه، إذا شرب على فورهما فإنه نجس" (٥).


(١) "المجموع" (٢/ ٥٦١).
(٢) "الفروع" (١/ ٢٦٤).
(٣) "بدائع الصنائع" (١/ ٦٣، ٦٤).
(٤) "المجموع" (٢/ ٥٦١).
(٥) "الجوهرة النيرة شرح مختصر القدوري عند الحنفية" (١/ ١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>