للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الترجيح: يظهر -واللَّه أعلم- أن القول الأول هو الراجح، وذلك لقوة أدلته، وضعف دليل القول الثاني.

الشرط الرابع: هو عدالة المجمعين: وبهذا الشرط يستبعد الفاسق من المجمعين، سواء كان فسقة بالكذب، أو شرب الخمر، أو الزنا، أو تعاطي الربا، أو غير ذلك من المعاصي القادحة في العدالة (١).

وقد ذكر أبو حامد الغزالي أن شرط العدالة إنما هو لجواز الاعتماد على أقوال المجتهد، أما هو في نفسه فله أن يجتهد، إن كان عالمًا ويؤخذ باجتهاده، أما العدالة عنده فهي شرط لقبول الفتوى، لا لصحة الاجتهاد (٢).

الشرط الخامس: أن يكون المجمعون أحياء وموجودين: المعتبر في الإجماع أهل عصره من المجتهدين الأحياء الموجودين، فيبطل الالتفات إلى الماضين كما بطل -على القطع- الالتفات إلى اللاحقين، ولولا ذلك لما تُصوِّر إجماعٌ بعد موت واحد من المسلمين في زمان الصحابة والتابعين، وقد اعترفوا بصحة إجماع الصحابة بعد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وبعد موت من مات بعد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وليس ذلك إلا لأن الماضي لا يُعتبر والمستقبل لا يُنتظر.

أما اعتبار جميع مجتهدي الأمة في جميع العصور فغير ممكن؛ لأن ذلك يؤدي إلى عدم الانتفاع بالإجماع إلى يوم القيامة (٣).

ويدخل تحت هذا الشرط مسألة: انقراض العصر. وقد اختلف العلماء في انقراض العصر هل هو شرط في انعقاد الإجماع أولا؛ فذهب بعضهم إلى اعتباره شرطًا. ومنهم من فصَّل وقال: إن كان قد اتفقوا بأقوالهم أو أفعالهم أو بهما لا يكون انقراض العصر شرطًا، وإن كان الإجماع بذهاب واحد من أهل الحل والعقد إلى حكم وسكت الباقون عن الإنكار مع اشتهاره فيما بينهم فهو شرط (٤).


(١) المستصفى (١/ ٣٥٠).
(٢) الإبهام (٣/ ٢٥٧)، والمستصفى (١/ ٣٥٠).
(٣) المستصفى (١/ ١٤٩، ١٥٠)، وشرح الكوكب المنير (٢/ ٢٣١)، وروضة الناظر (١/ ٣٧٤).
(٤) البرهان في أصول الفقه (١/ ٤٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>