للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصبي حولين قمريين من حين ولادته، . . . فهو ابنها" (١).

• الموافقون على الاتفاق: سبق ذكر الخلاف في عدد الرضعات المحرِّمة في المسألة السابقة، وكأن ابن حزم نظر إلى أعظم الأقوال في تحديد الرضعات المحرِّمة، فإن من يقول: إن قليل الرضاع يحرِّم، ومن يقول: ثلاث، ومن يقول: خمس، ومن يقول: سبع، من باب أولى أن يقول: إن العشر رضعات تحرِّم.

• مستند الاتفاق:

١ - عن عائشة -رضي اللَّه عنها-: أن سهلة بنت سهيل أتت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقالت له: إن سالمًا كان منا حيث علمت، كنا نعده ولدًا، وكان يدخل عليّ، فلما أنزل اللَّه -عز وجل- فيه وفي أشباهه أنكرت وجه أبي حذيفة، إذا رآه يدخل عليّ قال: "فأرضعيه عشر رضعات، ثم ليدخل عليك، كيف شاء، فإنما هو ابنك" (٢).

٢ - أن عائشة -رضي اللَّه عنها- أرسلت بسالم بن عبد اللَّه بن عمر إلى أختها أم كلثوم بنت أبي بكر (٣)، وهي ترضع، فقالت: أرضعيه عشر رضعات حتى يدخل عليّ، قال سالم: فأرضعتني ثلاث رضعات؛ ثم مرضت أم كلثوم، فلم ترضعني، فلم أكن أدخل على عائشة أم المؤمنين من أجل أن أم كلثوم لم تتم لي عشرًا من الرضعات (٤).

النتيجة: ما ذكره ابن حزم من الاتفاق على أن عشر رضعات يقع بها التحريم صحيح؛ لأن من يقول: إن كثير الرضاع وقليله يحرِّم، أو ثلاث، أو خمس، أو سبع، من باب أولى أن يقول: إن العشر رضعات تحرِّم.

[٩ - ٤٢٩] كل ما وصل إلى جوف الطفل من الرِّضاع يثبت به التحريم:

ما يصل إلى جوف الطفل وقت الرضاع سواء كان بمصٍّ عن طريق الفم، أو كان من سعوط، أو وجور (٥) فيقع به التحريم، ونُقل الإجماع على ذلك.


(١) "مراتب الإجماع" (ص ١٢١).
(٢) سبق تخريجه.
(٣) هي أم كلثوم بنت أبي بكر الصديق، وأمها حبيبة بنت خارجة، وليس لها صحبة؛ لأنها ولدت بعد وفاة أبي بكر -رضي اللَّه عنه-، روت عن عائشة، وروى عنها جابر بن عبد اللَّه -رضي اللَّه عنه-. انظر ترجمتها في: "الإصابة" (٨/ ٤٦٦)، "أسد الغابة" (٧/ ٣٧٣).
(٤) أخرجه مالك في الموطأ (ص ٤٧٠)، والبيهقي في "الكبرى" (٧/ ٤٥٧).
(٥) السُّعوطَ بالضم -النشوق بالأنف، والسَّعوط -بالفتح- اسم لما يؤخذ عن طريق الأنف من دواء، أو لبن لطفل رضيع، ونحو ذلك. =

<<  <  ج: ص:  >  >>