وحده صار مسجدًا بالاتفاق) (١).
قال القرافي: (قال مالك: إذا حبس شيئًا في وجه، لا ينتفع به الواقف في ذلك الوجه لأنه رجوع في الموقوف وإن كان فيما جعل فيه، إلا أن ينوي ذلك حين الحبس) (٢).
• مستند الإجماع: يستند هذا الإجماع على عدة أدلة، منها:
الأول: عن عثمان بن عفان -رضي اللَّه عنه- أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: (من يبتاع بئر رومة كفر اللَّه له) قال عثمان -رضي اللَّه عنه-: فأتيت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقلت: قد ابتعت بئر رومة، قال: (فاجعلها سقاية للمسلمين وأجرها لك) (٣).
فهذا فيه إباحة انتفاع الواقف بما وقفه على عموم المسلمين.
الثاني: أنه يدخل في العموم ما لا يدخل في الخصوص، فإن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يصلي في مساجد المسلمين، مع أنه لا يجوز أن يخص بالصدقة (٤).
النتيجة: صحة الإجماع في انتفاع الواقف بالوقف العام، كالمسجد وبئر الماء، وذلك لعدم وجود المخالف. واللَّه أعلم.
[[٨٣ - ٢٥] لا ينتفع الواقف بالوقف الخاص]
• المراد بالمسألة: أن من وقف على معين واحدًا كان أو جماعة؛ كأقاربه أو المساكين أو طلبة العلم، ولم يشترط لنفسه الانتفاع منه بشيء ولم يصر -هو- أهلًا للانتفاع بوقفه، فإنه لا يجوز له أن ينتفع بشيء من منافع الوقف.
• من نقل الإجماع: ابن قدامة (٦٢٠ هـ) قال: [من وقف وقفًا صحيحًا فقد
(١) شرح فتح القدير، (٦/ ٢٣٣).
(٢) الذخيرة (٦/ ٣٣٥).
(٣) رواه أحمد، رقم (٥١١)، والترمذي، رقم (٣٦٩٩)، وقال: حسن صحيح غريب، والنسائي في الكبرى، رقم (٤٣٩١). وصحح إسناده الألباني في تعليقه على سنن الترمذي، رقم (٣٦٩٩).
(٤) انظر: المهذب (١/ ٥٧٦٩).