للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} (١)، ولم يقل: "إذا طلقت النساء فطلقهن"، فدل على أن خطابه خطاب لأمته، وهنا لم يرد دليل على التخصيص، فيكون خطابًا للمسلمين جميعًا بإقامة الحكم بما أنزل اللَّه إلى يوم القيامة، ولا يعني إقامة الحكم والسلطان إلا إقامة الإمامة؛ لأن ذلك من وظائفها، ولا يمكن القيام به على الوجه الأكمل إلا عن طريقها، فتكون جميع الآيات الآمرة بالحكم بما أنزل اللَّه دليلًا على وجوب نصب إمام يتولى ذلك (٢).

الدليل الثالث: قول اللَّه -تعالى-: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ (٢٥)} (٣).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "أخبر أنه أرسل الرسل وأنزل الكتاب والميزان لأجل قيام الناس بالقسط، وذكر أنه أنزل الحديد الذي به يُنصر هذا الحق، فالكتاب يهدى والسيف ينصر، وكفى بربك هاديًا ونصيرًا. ولهذا كان قوام الناس بأهل الكتاب وأهل الحديد، ما قال من قال من السلف: صنفان إذا صلحوا صلح الناس: الأمراء، والعلماء" (٤).

• وجه الدلالة: أن مهمة الرسل ومن أتى بعدهم من أتباعهم إقامة العدل بين الناس على وفق ما في الكتاب المنزل، ونصرة ذلك بالقوة، وهذا لا يأتي لأتباع الرسل إلا بتنصيب إمام يقيم فيهم العدل، وينظم جيوشهم المناصرة.

ومن الأدلة القرآنية أيضًا: جميع آيات الحدود والقصاص ونحوها من الأحكام التي يلزم القيام بها وجود الإمام، وآيات وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ونحوها من الآيات.

ثانيًا الأدلة من السنة: وردت أحاديث كثيرة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فيها دلالة على


(١) سورة الطلاق، الآية: (١).
(٢) يُنظر: الإمامة العظمى عند أهل السنة والجماعة، عبد اللَّه بن عمر الدميجي، دار طيبة، الرياض، الطبعة الثانية، ١٤٠٨ هـ (ص ٤٨).
(٣) سورة الحديد، الآية: (٢٥).
(٤) مجموع فتاوى ابن تيمية (١٨/ ١٥٧، ١٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>