للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المبحث الثاني حكم التعزير والحكمة من مشروعيته]

• المسألة الأولى: حكم التعزير: اختلف الفقهاء فيما إذا فعل شخصٌ معصية لا حد فيها ولا كفارة، ورأى الإمام أن المصلحة هي في تعزيره، فهل التعزير عليه واجب أو مستحب على قولين:

القول الأول: إن كان التعزير في حق للَّه تعالى فيجب التعزير على الإمام فيما شرع فيه التعزير، إذا رأى الإمام المصلحة فيه، وإن كان فيه حق لآدمي فيجب التعزير إذا طلبه المجني عليه. وهو قول الحنفية (١)، والمالكية (٢)، والحنابلة (٣).

واستدل أصحاب هذا القول بما يلي:

الدليل الأول: أن التعزير إن كان مشروعًا لحق اللَّه تعالى كما في تارك الصلاة فإنه يكون واجبًا، قياسًا على الحد، وإن كان في حق آدمي كالشتم بغير الزنا فإنه يكون قد تعلَّق فيه حق آدمي، فلا يجوز إسقاطه بدون رضى المجني عليه، كالقصاص.

الدليل الثاني: أن التعزير شُرع للإمام بما يراه مصلحة لرعيته، فإن كان التعزير هو الذي تقتضيه المصلحة للفرد أو المجتمع فترْكه حينئذ يكون فعل لغير الأصلح، وهذا لا يجوز (٤).

القول الثاني: يستحب التعزير للإمام فيما شُرع فيه التعزير، سواء كان حقًا للَّه أو لآدمي، حتى لو كانت المصلحة في التعزير، وأراد الإمام ترك التعزير فله ذلك.


(١) انظر: البحر الرائق (٥/ ٤٦)، فتح القدير (٥/ ٣٤٦).
(٢) انظر: أنوار البروق في أنواع الفروق (٤/ ١٧٩)، تبصرة الحكام (٢/ ٢٩٨).
(٣) انظر: المغني (٩/ ١٤٩)، الإنصاف (١٠/ ٢٣٩).
(٤) انظر: فتح القدير (٥/ ٣٤٦)، المغني (٩/ ١٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>