للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المبحث الثالث مشروعية الإمامة]

أجمع سلف الأمة، وأهل السنة، وجمهور الطوائف الأخرى على أن نصب الإمام -أي توليته على الأمة- واجب على المسلمين شرعًا (١) لا عقلًا فقط، كما قال الأصم (٢) من المعتزلة، وغيره.

ذلك لأن الوجوب يؤخذ من الشرع، إلا أن يُفسر الواجب بالفعل الذي فيه فائدة وفي تركه أدنى مضرة، وعند ذلك لا يُنكر عقلًا وجوب نصب الإمام؛ لما فيه من الفوائد ودفع المضار في الدنيا (٣).

قال ابن حزم: "اتفق جميع أهل السنة، وجميع المرجئة، وجميع الشيعة، وجميع الخوارج، على وجوب الإمامة، وأن الأمة واجب عليها الانقياد لإمام عادل، يقيم فيهم أحكام اللَّه، ويسوسهم بأحكام الشريعة التي أتى بها رسول


(١) يُنظر على سبيل المثال: الأحكام السلطانية للماوردي (ص ٥)، والأحكام السلطانية، القاضي أبو يعلى محمد بن الحسين بن محمد بن خلف بن الفراء، تحقيق: محمد حامد الفقي، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الثانية ١٤٢١ هـ (ص ١٩)، والفصل في الملل والأهواء والنحل (٤/ ٨٧)، ومقدمة ابن خلدون (ص ١٩١)، وبدائع السلك لابن الأزرق، تحقيق: على سامي النشار، وزارة الإعلام، العراق، الطبعة الأولى (١/ ٧١)، ونيل الأوطار، لمحمد بن علي الشوكاني، دار الجيل، بيروت، طبعة ١٩٧٣ م (٩/ ١٥٧، ١٥٨).
(٢) هو أبو بكر عبد الرحمن بن كيسان الأصم، فقيه معتزلي مفسّر، له تفسير وُصِف بأنه عجيب، ومقالات في الأصول، ومناظرات مع ابن الهذيل العلاف، قال ابن حجر: "هو من طبقة ابن الهذيل وأقدم منه"، توفي سنة خمس وعشرين ومائتين. يُنظر: لسان الميزان (٣/ ٤٢٧)، والأعلام للزركلي (٣/ ٣٢٣).
قال الأصم: "إن الأمة متى أقاموا حجهم وجهادهم، وتناصفوا فيما بينهم، وبذلوا الحق من أنفسهم، وقسموا الغنائم والفيء والصدقات على أهلها، وأقاموا الحدود على من وجبت عليه، أجزأهم ذلك، ولا يجب عليهم أن ينصبوا إمامًا يتولى ذلك". يُنظر: تفسير القرطبي (الجامع لأحكام القرآن) لأبي عبد اللَّه محمد بن أحمد القرطبي، دار الشعب، القاهرة (١/ ٢٦٤).
(٣) يُنظر: الاقتصاد في الاعتقاد، لأبي حامد الغزالي، تحقيق: موفق فوزي الجبر، دار الحكمة للطباعة والنشر، دمشق، الطبعة الأولى ١٤١٥ هـ (ص ٢٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>