للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>


(١) انظر: الجواب الكافي لابن القيم (٨٧).
(٢) انظر: مدارج السالكين لابن القيم (١/ ٣١٥).
وأورِد على هذا الإجماع ما ورد عن ابن عباس -رضي اللَّه عنه- أنه قال: (كل ما نهى اللَّه عنه فهو كبيرة) فإن ظاهر هذا الحرف يدل على أن جميع الذنوب كبائر، وقد أجاب عنه أهل العلم بأجوبة منها: الأول: ضعف الأثر عن ابن عباس، وبه أجاب القرطبي بقوله: "ما أظنه يصح عن ابن عباس؛ لأنه مخالف لظاهر القرآن في الفرق بين الكبائر والصغائر".
نقله عنه ابن حجر في "فتح الباري" (١٠/ ٤١٠) ثم تعقبه بأن هذا الأثر أخرجه الطبري بسند صحيح على شرط الشيخين.
الثاني: أن مراد ابن عباس -رضي اللَّه عنه- بقوله: "ما نهى اللَّه عنه" أي نهي خاص، وهو الذي قرن به وعيد، ويؤيد هذا التوجيه أن قوله هنا مطلق، وجاء عنه ما يقيده، فيحمل المطلق على المقيد كما هي القاعدة المقررة، حيث جاء عن ابن عباس -رضي اللَّه عنه- أنه قال: "الكبيرة: كل ذنب ختمه اللَّه بنار، أو غضب أو لعنة أو عذاب"، وهذا الأثر أخرجه ابن أبي حاتم بسند لا بأس به، إلا أن فيه انقطاعًا، لكن أخرجه من وجه آخر متصل لا بأس برجاله كما قاله الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (١٠/ ٤١٠)، وبهذا أجاب ابن حجر في "فتح الباري" (١٠/ ٤١٠).
الثالث: لعله أخذ الكبيرة باعتبار الوضع اللغوي، ونظر إلى عظم المخالفة للأمر والنهي، فسمى كل ذنب كبيرة بهذا الاعتبار، وبه أجاب ابن دقيق العيد في "الإحكام شرح عمدة الأحكام" (٢/ ٢٧٣).
فالصواب الذي لا شك فيه أن الذنوب كلها تنقسم إلى صغائر وكبائر، ولم يخالف في ذلك إلا طوائف من أهل القبلة حيث ذهبوا إلى أن كل ما نهى اللَّه تعالى عنه فهو كبيرة، وليس ثمة صغائر =

<<  <  ج: ص:  >  >>