ويجب أن يُفرق أيضا في المسائل التي لا نعلم فيها مخالفًا بين الإجماع القطعي والظني، ويبيَّن نوعه، أهو لفظي أم سكوتي، ويتحقق من كل ذلك.
يقول الشيخ العلامة محمد الأمين الشنقيطي:"واعلم أن الإجماع الذي هو حجة قاطعة عند الأصوليين هو القطعي لا الظني.
والقطعي هو القولي المشاهد، أو المنقول بعدد التواتر؛ والظني كالسكوتي والمنقول بالآحاد" (١).
ولأهمية هذا الموضوع، ومدى فائدته الكبيرة ولِما يرجع على الباحث وعلى المسلمين من فائدة؛ رأيت أن أعمل بالجهد المستطاع في هذا الموضوع، وأن يكون في رسالتي لنيل درجة الدكتوراه في الفقه وأصوله.
ولما كانت أبواب الفقه واسعة جدًّا؛ رأيت أن أختار كتاب الطهارة، وهو أول
أبواب الفقه الإِسلامي، فتكون الرسالة بعنوان:(مسائل الإجماع في الطهارة جمعًا
ودراسةً).
• مشكلة البحث:
إن الناظر في كتب الفقه الإِسلامي يجد أن هناك كمًّا هائلًا من الإجماعات التي ينقلها العلماء في المذاهب الفقهية المختلفة، بينما يجد لبعض تلك النقول خروقًا من أقوال علماء آخرين.
كما أنه في بعض تلك المسائل التي نُقل فيها الإجماع قد يجد من خالف فيها من عالم أو أكثر بعد ذلك، فهل هذا الإجماع صحيح أم أنه لم يتحقق أصلًا؟ وينبني على ذلك: هل تجوز المخالفة في تلك المسائل أو لا؟
كل هذا وذاك يحتاج إلى دراسة علمية تُبَيِّنُ الصحيح في الأمر.
ومن ثم كان هذا البحث لجمع مسائل الإجماع التي حُكِيت في كتاب الطهارة ودراسة كل مسألة على حدة.
* * *
(١) "مذكرة أصول الفقه على روضة الناظر لابن قدامة" (١٥١)، للشيخ محمد الأمين الشنقيطي.