للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فتلك اختلفوا فيها؛ لأنها قد يشملها اسم الماء المطلق على الخلاف بينهم، ولكن هذه لا يشملها، فلا يقول إنسان لماء ورد: هذا ماء، ويسكت، وكذا ما شابهه، واللَّه أعلم (١).

ولكن بعد مزيد من البحث وجدت أن البعلي في "الإختيارات"، قد نقل هذا القول عنه، فقال: "وتجوز طهارة الحدث بكل ما يسمى ماء، وبمعتصر الشجر، قاله ابن أبي ليلى، والأوزاعي، والأصم، وابن شعبان" (٢).

هذا ما نقله عنه، ولم أجد من يؤكد هذا الزعم. ونقل الإمام ابن القيم دعوى هذا الإجماع، ونقده بأنه ليس فيه إجماع، ونقل قول الحسن بن صالح بن حي، وحميد بن عبد الرحمن في الخل، حيث قالوا: يجوز الوضوء بالخل (٣).

وهناك مسألة أخرى، ولكنها قد تعتبر من نواقض هذا الإجماع المحكي، وهي: ما لو سال الماء من الثمر أو الشجر بدون عصر، فقد صرح بجواز الوضوء به صاحب "الهداية" المرغيناني الحنفي، وقد تفرد بذلك (٤).

وخالف ابن حزم رحمه اللَّه في الماء الذي طُبخ فيه، كالفول والحمص والترمس واللوبيا ما دام يقع عليه اسم الماء، فيجوز الوضوء به (٥).

وخالف الحنفية أيضًا، في ماء الزعفران والصابون والأشنان، ولكن بشرط عدم سلب اسم الماء عنه (٦).

النتيجة: أن الإجماع غير متحقق؛ حيث نقل الخلاف عن ابن أبي ليلى، والحسن بن صالح، وحميد بن عبد الرحمن، وما نقل عن ابن تيمية، وكذلك قول ابن حزم، والمرغيناني، وكل ما سبق يبين وجود الخلاف في المسألة بما لا يدع مجالًا للشك، واللَّه تعالى أعلم.

[[١٩ - ١٩] الطهارة بالمائعات سوى الماء غير جائزة]

إذا أراد المسلم الوضوء، ووجد مائعًا من المائعات، فإنه لا يجوز له الوضوء به،


(١) انظر كلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (٢١/ ٢٤).
(٢) "الاختيارات" (٨)، ومن ضمن "الفتاوى الكبرى" (٥/ ٢٩٨).
(٣) "إعلام الموقعين" (١/ ٢٠٥).
(٤) انظر: "الهداية مع شرحه فتح القدير" لابن الهمام (١/ ٧١)، و"البحر الرائق" (١/ ٧٢).
(٥) "المحلى" (١/ ١٨٦).
(٦) "البناية" للعيني (١/ ٣٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>