للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يجد الماء المطلق فيصير للتيمم، ولم يقل: إنه يلجأ إلى غير الماء المطلق، فدل على أنه لا يجوز الوضوء بغيره (١)، واللَّه تعالى أعلم.

• الخلاف في المسألة: نُقل الخلاف في هذه المسألة كما سبق عن ابن أبي ليلى، والأصم، وقد عقَّب الإمام النووي على نقل الغزالي للإجماع؛ بأنه لم يبلغه قول ابن أبي ليلى إن صح عنه (٢)، وعلى قول الأصم؛ بأنه لا يعتد بخلافه (٣).

ونقد ابن تيمية نقل ابن حزم للإجماع في هذه المسألة؛ بحكاية قول ابن أبي ليلى والأصم (٤). ونقل المرداوي في "الإنصاف" قولًا عن ابن تيمية في هذه المسألة، وأنقله بنصه، حيث قال: "الطريق الثالث: أنه ينقسم -أي الماء- إلى قسمين: طاهر طهور، ونجس.

وهي طريقة الشيخ تقي الدين، فإن عنده أن كل ماء طاهر تحصل الطهارة به، وسواء كان مطلقًا أو مقيدًا، كماء الورد ونحوه. نقله في "الفروع" عنه في باب الحيض" (٥).

وبعد مراجعة كلام ابن مفلح في الفروع، وجدت كلامه غير دال على ذلك، وهذا هو نص كلامه: "وعند شيخنا -يعني ابن تيمية- ما أطلقه الشارع عمل بمطلق مسماه ووجوده، ولم يجز تقديره وتحديده بعده؛ فلهذا عنده الماء قسمان: طاهر طهور، ونجس" (٦)، ثم عاد إلى الحديث عن مسائل الحيض.

وهذا ليس فيه تصريح بما ذكره المرداوي رحمه اللَّه.

وبعد التأمل ومراجعة كلام ابن تيمية في المسألة، وجدت أنه قال بقول قريب من هذا في مسألة مشابهة، ولعله اشتبهت عليه المسألتان.

فهو يقصد إذا اختلط بالماء شيء من المائعات كالدهن والكافور ونحو ذلك، وهذه مسألة خلافية بين أهل العلم تختلف عما نحن بصدده (٧)، أو اختلط بشيء من الطاهرات كالزعفران والأشنان والحمص وغير ذلك (٨).


(١) "تبيين الحقائق" (١/ ٢٠).
(٢) "المجموع" (١/ ١٣٩).
(٣) "المجموع" (١/ ١٣٩).
(٤) "نقد المراتب" (٢٨٨).
(٥) "الإنصاف" (١/ ٢٢).
(٦) "الفروع" (١/ ٢٦٧ - ٢٦٨).
(٧) سبق بحثها بعنوان: (طهارة ما تغير بمجاورة دون مخالطة).
(٨) وهي مسألة خلافية، انظر: "المبدع" (١/ ٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>