للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• مستند الإجماع: يستند الإجماع إلى عدة أدلة، منها:

الأول: عن أبيض بن حمال -رضي اللَّه عنه- أنه وفد إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فاستقطعه فأقطعه الملح، فلما أدبر، قال رجل: يا رسول اللَّه أتدري ما أقطعته؟ إنما أقطعته الماء العد، قال: فرجع فيه (١).

• وجه الدلالة: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- رد ما أقطعه لأبيض بن حمال لما علم أن المكان المقطع، فيه منفعة لعامة الناس وهو من المعادن الظاهرة، فمن باب أولى إذا كان من مرافقهم التي يرتفقونها في القرية.

الثاني: ما جاء أن رجلا قال لعمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه-: [إن قِبَلنا أرضا بالبصرة ليست من أرض الخراج، ولا تَضرُّ بأحد من المسلمين، فإن رأيت أن تقطعينها أتخذ فيها قضبا لخيلي فافعل؟ ] قال: فكتب عمر إلى أبي موسى الأشعري (٢): [إن كانت كما يقول فأقطعها إياه] (٣).

• وجه الدلالة: أن عمر لما علم أن إقطاعه الأرض ليس فيه مضرة على المسلمين أجاز ذلك، فدل على أن انتفاء المضرة قيد في الجواز.

الثالث: أن ما كان من مرافق أهل البلدة فهو حق أهل البلدة، وفي الإقطاع اعتداء عليهم، وإبطال لحقهم (٤).

النتيجة: صحة الإجماع في المسألة؛ وذلك لعدم المخالف فيها.

[١٣] تحريم تحجير وإقطاع المياه المباحة]

• المراد بالمسألة: المياه المباحة هي: المياه غير المملوكة لأحد. والمقصود


(١) سبق تخريجه.
(٢) عبد اللَّه بن قيس بن سليم بن حضار أبو موسى الأشعري، قدم المدينة بعد فتح خيبر، واستعمله النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- على بعض أعمال اليمن، واستعمله عمر على البصرة، واستعمله عثمان على الكوفة، كان حسن الصوت بالقرآن، قال عنه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لقد أوتي مزمارا من مزامير آل داود". توفي عام (٤٢ هـ). "الاستيعاب" (٣/ ٩٧٩)، "أسد الغابة" (٣/ ٣٦٤)، "الإصابة" (٤/ ٢١١).
(٣) أخرجه أبو عبيد في "الأموال" (ص ٣٥٢ - ٣٥٣)، وابن أبي شيبة في "مصنفه" (٧/ ٦٤٠).
(٤) "بدائع الصنائع" (٦/ ١٩٤) بتصرف يسير.

<<  <  ج: ص:  >  >>