للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المبحث الثالث الحسبة وفريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر]

يلاحظ مما سبق التطابق بين مصطلح الحسبة، وبين قاعدة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إلا أن مبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أمر إلهي عام ورد في كل الشرائع السماوية، وبه جاء المرسلون.

قال اللَّه -تعالى-: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (٢١)} (١).

قال القرطبي: "دلت هذه الآية على أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كان واجبا في الأمم المتقدمة وهو فائدة الرسالة وخلافة النبوة" (٢).

وقال ابن تيمية: "الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، الذي أنزل اللَّه به كتبه، وأرسل به رسله من الدين" (٣).

فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مصطلح قرآني يعبر عن مهمة الرسل، ووظيفة الأنبياء، وعلى أثر الأنبياء يُقتدى فيهما؛ لبيان نهج الإسلام وشريعته. وأحق ما يُبدأ به في البيان: الأمر والنهي؛ لأن معظم الابتلاء بهما، وعبر معرفتهما يتم معرفة الأحكام، ويتميز الحلال والحرام (٤).

ومن هنا يمكن القول: إن العلاقة بين هذا المبدأ والحسبة علاقة عموم وخصوص، فالحسبة قد تكون قائمة ولا وجود للمنكر، أما النهي عن المنكر فلا يكون إلا على إثر منكر واقع أو متوقع.

فالحسبة تشمل مبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتعد أدلة وجوبه أدلة للحسبة، فهو أصل شرعي له تطبيقاته المختلفة، وبه يتأكد دور الأمة


(١) سورة آل عمران، الآية: (٢١).
(٢) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (٤/ ٤٧).
(٣) مجموع الفتاوى (٢٨/ ١٢١).
(٤) أصول السرخسي (١/ ١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>