للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كمرشد، ودور الجماعة الإسلامية كحارس، ودور الفرد المسلم باعتباره مسؤولًا مسئولية فردية أمام اللَّه عن القيام بواجبه الديني، والخلقي، والاجتماعي؛ ليصبح جهاز رقابة له فاعلية خاصة. وكذلك الحسبة تبرز أهمية المسؤولية الفردية، ومكانتها في تطبيق قواعد الشرع الإسلامي، ولا تقتصر على تغيير المنكر الظاهر فحسب، وإنما تشمل كل ما يُفعل وُيراد به وجه اللَّه تعالى، وهذا يبدو جليًّا في قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إِنَّ للَّه ما أَخَذَ، وَلَهُ ما أَعْطَى، وَكُلٌّ عِنْدَهُ بأَجَلٍ مُسَمًّى، فَلْتَصْبِرْ وَلْتَحْتَسِبْ" (١)، وقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَنْ أَنْفَقَ على ابْنَتَيْنِ أو أختَيْنِ أو ذواتي قَرَابَةٍ، يَحْتَسِبُ النَّفَقَةَ عَلَيْهِمَا، حتى يُغْنِيَهُمَا اللَّه من فَضْلِهِ -عز وجل- أو يكيفهما، كَانتَا له سِتْرًا مِنَ النَّارِ" (٢). ومن هذه الإشارات النبوية يتبين أن مفهوم الحسبة في شموليته يحيط بجميع أعمال البر، وهذا من المدلولات اللغوية للحسبة أيضًا.

أمّا باعتبار الخصوصية التنظيمية، فالحسبة تمثل أحد التطبيقات الإسلامية الخاصة لمبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، الذي يشمل جميع الولايات، كما يقول ابن تيمية: "إذا كان جماع الدين وجميع الولايات هو أمرٌ ونهيٌ، فالأمر الذي بعث اللَّه به رسوله هو الأمر بالمعروف، والنهي الذي بعثه به هو النهي عن المنكر، وهذا نعت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- والمؤمنين، كما قال -تعالى-: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} (٣). . . وجميع الولايات الإسلامية إنما مقصودها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، سواء في ذلك ولاية الحرب الكبرى مثل نيابة السلطة، والصغرى مثل ولاية الشرطة وولاية الحكم، أو ولاية المال وهي ولاية الدواوين المالية وولاية الحسبة" (٤). ومن هنا تأتي العلاقة بين الحسبة والنظم الإسلامية الأخرى، كالقضاء، وديوان المظالم، وغيرهما.


(١) تقدم تخريجه.
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) سورة التوبة، الآية: (٧١).
(٤) الحسبة في الإسلام لابن تيمية (ص ١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>