للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالوا: والرجس هو النجس، بدليل قوله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ} [النساء: ٤٣]، فقد وصف اللَّه تعالى الميتة والدم المسفوح ولحم الخنزير بنفس الوصف، وهي نجسة بالإجماع (١).

• الخلاف في المسألة: خالف ربيعة، والليث بن سعد، والمزني صاحب الشافعي، وهو وجه عند الشافعية ضعفه النووي (٢)، وبعض المتأخرين من البغداديين والقرويين (٣)، وداود (٤)، فقالوا بأن الخمر طاهر وليس بنجس.

ورجح هذا القول الصنعاني (٥)، والشيخ ابن عثيمين رحمه اللَّه (٦).

واستدلوا: بأن الخمور لما حُرمت؛ سُفكت في الأسواق والطرقات في المدينة، ولو كانت نجسة؛ لما فعل ذلك الصحابة -رضي اللَّه عنهم-، ولنهى عنه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، كما نهى عن التخلي في الطرقات (٧).

وهناك قول مخالف أيضًا، بالتفريق بين الخمر المحترمة -كالتي تكون لأهل الذمة بالشروط الشرعية- وغيرها، وهو وجه للشافعية، وحكم عليه النووي بالشذوذ (٨).

وقد يستدل لهذا: بأن الخمر هنا محترمة، وتملكها غير ممنوع لهم، من حيث الأصل، فما دام أنه غير ممنوعة؛ فليست محرمة لذاتها، فهي غير رجس ولا نجس، واللَّه تعالى أعلم.

النتيجة: أن الإجماع غير متحقق، لوجود المخالف في المسألة، واللَّه أعلم.

[[٥٦ - ٣٩٣] طهارة النبيذ غير المشتد]

النبيذ إذا لم يشتد، ولم يصر مسكرًا، فإنه طاهر يجوز شربه، وقد حكى النووي الإجماع على ذلك.

• من نقل الإجماع: النووي (٦٧٦ هـ) حيث يقول: "وأما القسم الثاني من النبيذ؛ فهو ما لم يشتد، ولم يصر مسكرًا، وذلك كالماء الذي وضع فيه حبات تمر، أو زبيب،


(١) "تفسير القرطبي" (٦/ ٢٨٨).
(٢) "المجموع" (٢/ ٥٩٠).
(٣) "أحكام القرآن" للقرطبي (٦/ ٢٨٨).
(٤) "المجموع" (٢/ ٥٨١).
(٥) "سبل السلام" (٢/ ٤).
(٦) "الشرح الممتع" (١/ ٣٦٦).
(٧) "أحكام القرآن" (٦/ ٢٨٨)، و"الشرح الممتع" (١/ ٣٦٦).
(٨) "المجموع" (٢/ ٥٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>