للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأن الاستخلاف إنما هو في حق الغائب" (١).

ويفسر بعضهم الترادف بين الإمامة والخلافة بقوله: "سمِّيت خلافة لأن الذي يتولاها ويكون الحاكم الأعظم للمسلمين يخلف النبي صلى اللَّه عليه وسلم في إدارة شؤونهم، وتُسمى إمامة لأن الخليفة كان يُسمى إمامًا، ولأن طاعته واجبة، ولأن الناس كانوا يسيرون وراءه كما يصلون وراء من يؤمهم الصلاة" (٢).

وأرجع بعضهم سبب استعمال المسلمين ألفاظ "الإمام"، و"الخليفة"، و"أمير المؤمنين" إلى أنه ابتعاد بالمفهوم الإسلامي للدولة ورياستها عن النظام الملكي بمفهومه القديم عند الأمم الأخرى من الفرس والرومان المختلف اختلافا أساسيًا عن المفهوم الإسلامي الجديد (٣).

وقد كان الخليفة الراشد أبو بكر الصديق -رضي اللَّه عنه- يُلقب بالخليفة كما يلقب بالإمام، ومع خلافة عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه- استعمل المسلمون لقب: "أمير المؤمنين" (٤).

المطلب الخامس: استعمالات لفظي الخلافة والإمامة: يغلب استعمال لفظ "الإمامة" عادة عند أهل السنة في مباحثهم العقدية والفقهية، بينما يغلب استعمالهم لفظ "الخلافة" في مباحثهم التاريخية، وسبب ذلك أنهم كانوا يردون في هذه المباحث العقدية والفقهية على المبتدعة كالشيعة والخوارج.

فالإمامة ركن من أركان الإيمان عند الشيعة، ولذلك يفرقون بين الإمامة والخلافة، فيعتبرون الإمامة رئاسة دين، والخلافة رئاسة دولة (٥)، ويدَّعون أن


(١) مقدمة ابن خلدون (ص ١٩١). قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "فالمقصود أن اللَّه تعالى لا يخلفه غيره، فإن الخلافة إنما تكون عن غائب، وهو سبحانه شهيد مدبر لخلقه لا يحتاج في تدبيرهم إلى غيره". يُنظر: منهاج السنة النبوية، لابن تيمية، (١/ ١٣٨).
(٢) يُنظر: تاريخ المذاهب الإسلامية لأبي زهرة، دار الفكر العربي، القاهرة (ص ١٩).
(٣) يُنظر: نظام الإسلام (الحكم والدولة)، محمد المبارك، (ص ٦١).
(٤) يُنظر: الطبقات الكبرى لابن سعد (٣/ ٢٨١).
(٥) يُنظر: نظرية الإمامة لدى الشيعة الاثنى عشرية، أحمد محمود صبحي، (ص ٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>