للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعد أكلا للمال بالباطل، لا عوضا عن حق له، فهو حرام عليه. وإن كان صادقا، والمدعى عليه يعلم صدقه وثبوت حقه، ويجحده لينتقص حقه، أو يرضيه عنه بشيء، فهو هضم للحق، وأكل مال بالباطل (١).

الثاني: عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الصلح جائز بين المسلمين، إلا صلحا أحل حراما، أو حرم حلالا" (٢).

• وجه الدلالة: أن طلب المدعي الكاذب أو جحد المدعى عليه، يعد من الصلح الذي أحل الحرام.

الثالث: أن أخذه للمال الذي لا يستحقه، يعد ظلما للطرف الآخر، واعتداء على ماله بغير حق، وكذبا وافتراء عليه، وكلُّها محرمة في الشرع (٣).

النتيجة: صحة الإجماع في المسألة؛ وذلك لعدم المخالف فيها.

٤] بطلان المصالحة عن الحدود في حقوق اللَّه:

• المراد بالمسألة: من شروط المصالح عنه: أن يكون مملوكا للمصالِح، فإذا صالح على حق من حقوق اللَّه -وهي: الحقوق العامة التي يعود نفعها للعموم، وليست خاصة بشخص معين (٤) - فالصلح عنها باطل، بلا خلاف بين العلماء، كالزنا والسرقة وشرب الخمر.

• من نقل الإجماع:

• الكاساني (٥٨٧ هـ) يقول: [لا خلاف في حد الزنا، والشرب، والسكر، والسرقة أنه لا يحتمل العفو، والصلح، والإبراء، بعد ما ثبت بالحجة] (٥).

• ابن حجر (٨٥٢ هـ) يقول: [وفيه -أي: حديث زيد بن خالد (٦) في قصة العسيف الذي في مستند الإجماع- أن الحد لا يقبل الفداء، وهو مجمع عليه في


(١) "المغني" (٧/ ٨).
(٢) سبق تخريجه.
(٣) ينظر: "المحلى" (٦/ ٤٦٧).
(٤) "درر الحكام شرح مجلة الأحكام" (٤/ ١١).
(٥) "بدائع الصنائع" (٧/ ٥٥).
(٦) زيد بن خالد الجهني، أبو عبد الرحمن، شهد الحديبية مع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وكان معه لواء جهينة يوم الفتح. توفي بالمدينة عام (٧٨ هـ) وله خمس وثمانون سنة. "الاستيعاب" (٢/ ٥٤٩)، "أسد الغابة" (٢/ ٣٥٥)، "الإصابة" (٢/ ٦٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>