للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمقصود هنا: إذا كان المدعي يعلم أنه كاذب في دعواه، أو كان المدعى عليه يعلم صدق المدعي لكنه أنكر جاحدًا الحق، فإن الصلح باطل، بلا خلاف بين أحد من أهل الإسلام.

• من نقل الإجماع:

• ابن حزم (٤٥٦ هـ) يقول: [الصلح على الإنكار، وعلى السكوت، لا يخلو ضرورة من أحد وجهين: إما أن يكون الطالب طالب حق، والمطلوب مانع حق، أو مماطلا لحق، أو يكون الطالب طالب باطل، ولا بد من أحدهما. فإن كان الطالب محقا، فحرام على المطلوب، بلا خلاف من أحد من أهل الإسلام أن يمنعه حقه، أو أن يمطله وهو قادر على إنصافه، حتى يضطره إلى إسقاطه بعض حقه، أو أخذ غير حقه. . .، وإن كان الطالب مبطلا، فحرام عليه الطلب بالباطل، وأخذ شيء من مال المطلوب بغير حق، بلا خلاف من أحد من أهل الإسلام] (١).

• الموافقون على الإجماع:

وافق على هذا الإجماع: الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة (٢).

• مستند الإجماع: يستند الإجماع إلى عدة أدلة، منها:

الأول: قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} (٣).

• وجه الدلالة: أن المدعي إذا كان كاذبا في دعواه، فما يأخذه من مال صاحبه


(١) "المحلى" (٦/ ٤٦٧).
(٢) "تبيين الحقائق" (٥/ ٣١)، "الجوهرة النيرة" (١/ ٣١٩)، "الذخيرة" (٥/ ٣٥٢)، "تبصرة الحكام" (٢/ ٤٩)، "الاتقان والإحكام" (١/ ١٤٨)، "الأم" (٧/ ١١٩)، "الوسيط" (٤/ ٥١)، "البيان" (٦/ ٢٤٦ - ٢٤٧)، "بلغة الساغب" (ص ٢٢٢)، "المبدع" (٤/ ٢٨٥)، "كشاف القناع" (٣/ ٣٩٧).
تنبيه: اختلف العلماء في الصلح على الإنكار: فالجمهور على مشروعيته. والشافعية وابن حزم يرون بطلانه. والجمهور يشترطون أن يكون المدعي يعتقد أن ما ادعاه حق، والمدعى عليه يعتقد أنه لا حق عليه، فيتصالحان على قطع الخصومة والنزاع.
(٣) النساء: الآية (٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>