للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واختار الأمير الصنعاني القول بعدم الجواز مطلقا إذا كان الجعل من أحد المتسابقين، وعدَّ ذلك من القمار (١).

ولم أجد له سلفا في هذا، فيُعدُّ قوله شاذا لا يُعوَّل عليه.

ويمكن أن يستدل لهؤلاء بدليل من المعقول، وهو:

أنهم أرادوا بهذا أن يخرج العقد عن شبهة القمار، التي يكون إخراج السبق من المتسابقين جميعا، فلو أخرج أحدهما وأخذه كان فيه شبهة فلذا منعوه.

النتيجة: صحة الإجماع على جزء من المسألة، وهي إذا بذل أحدهما السبَق، وسبَق الآخر الذي لم يبذل من ماله شيئا؛ فإن هذا مجمع عليه، أما إذا سبق الباذل فإنه قد ثبت الخلاف فيها. وعليه فتعد عبارة ابن حزم مدخولة دون غيره.

[٥] جواز إخراج السبق من السلطان أو أجنبي عن المتسابقين]

• المراد بالمسألة: إذا أخرج الإمام أو رجل متطوع السبَق تبرعا من عندهما، ولم يكن لهما مشاركة في المسابقة، فإن هذا جائز لا حرج فيه، بإجماع العلماء.

• من نقل الإجماع:

• ابن حزم (٤٥٦ هـ) يقول: [لا أعلم خلافا في إباحة أن يجعل السلطان، أو الرجل شيئا من ماله للسابق في الخيل خاصة] (٢).

• الباجي (٤٧٤ هـ) يقول: [فإن أخرجه -أي: السبق- غيرهم -أي:


= الجعل للمخرج أو لغيره، ولم أجده في كتب المالكية، ولعل هذا التفصيل الذي جاء عن المالكية أوقع لبسا عندهم، ففُهم على غير وجهه. "المغني" (١٣/ ٤٠٨)، "طرح التثريب" (٧/ ٢٤٢).
الثاني: نسب بعض المعاصرين هذا القول إلى البعلي من الحنابلة صاحب الروض الندي (ص ٢٧٤)، وبعد الرجوع إلى الكتاب وجدت أن العبارة فيها سقط وتصحيف، وإلا فلا تمكن المخالفة من عالم يقرر المذهب ولا يخالفه، خاصة وأني لم أجد هذا القول عن أحد من علماء الحنابلة مطلقا. ينظر: "المسابقات وأحكامها في الشريعة الإسلامية" (ص ٧٤).
(١) "سبل السلام" (٢/ ٥٠٣). وعبارته نصها: [وإن كان -أي: الجعل - من أحد المتسابقين لم يحل؛ لأنه من القمار]. أقول: لعل ذلك سبق قلم من المؤلف، أو من النساخ جعلت العبارة فيها زيادة تخالف ما حكي من إجماع في المسألة وهي كلمة [أحد].
(٢) "مراتب الإجماع" (ص ٢٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>