للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المحتكِر، وهذا يدل على التحريم إذا قصد به الإضرار بالناس.

الثاني: عن معمر بن عبد اللَّه (١) -رضي اللَّه عنه- قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا يحتكر إلا خاطئ"، فقلت لسعيد بن المسيب: فلم تحتكر؟ قال: كان معمر يحتكر (٢).

• وجه الدلالة: أن تصرف معمر يدل على أن الذي كان يفعله غير الذي روى فيه النهي؛ لأنه لو كان هو لكان فيه تناقضا بين الفعل والرواية، فدل على أنه أراد نوعا خاصا من الاحتكار، وهو الذي يُضر بالناس (٣).

الثالث: عن عمر -رضي اللَّه عنه- قال: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "من احتكر على المسلمين طعاما، ضربه اللَّه بالجذام والإفلاس" (٤).

النتيجة: صحة الإجماع في المسألة؛ وذلك لعدم المخالف فيها.

[١٠٤] مشروعية الإشهاد على البيع]

• المراد بالمسألة: من أراد البيع أو الابتياع فإنه يشرع له أن يشهد على عقده رجلين، أو رجل وامرأتين، بل هو المندوب في حقه، وإذا لم يشهد على ذلك فإن العقد تام وصحيح، باتفاق العلماء.

• من نقل الإجماع:

• الجصاص (٣٧٠ هـ) يقول: [ولا خلاف بين فقهاء الأمصار أن الأمر بالكتابة والإشهاد والرهن المذكور جميعه في هذه الآية -أي: آية الدين- ندب وإرشاد


(١) معمر بن عبد اللَّه بن نضلة بن نافع بن عوف القرشي العدوي، أسلم قديما، وهاجر الهجرتين، هاجر إلى الحبشة، ثم قدم مكة فأقام بها، ثم قدم المدينة بعد ذلك، وعاش عمرا طويلا. "الاستيعاب" (٣/ ١٤٣٤)، "أسد الغابة" (٥/ ٢٢٧)، "الإصابة" (٦/ ١٨٨).
(٢) أخرجه مسلم (١٦٠٥)، (٣/ ٩٩٤).
(٣) "مختصر اختلاف العلماء" (٣/ ٤٢٣).
(٤) أخرجه أحمد في "مسنده" (١٣٥)، (١/ ٢٨٣)، وابن ماجه (٢١٥٥)، (٣/ ٥١٩)، والطيالسي في "مسنده" (٥٥)، (١/ ١١). وقد حكم عليه بالنكارة يحيى بن معين. ينظر: "تهذيب التهذيب" (١١/ ٨٦).
وقال الذهبي لما ترجم للهيثم بن رافع: [وقد أنكروا حديثه في الحكرة]. "ميزان الاعتدال" (٧/ ١٠٩). ينظر: "الجامع لأحاديث البيوع" (ص ٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>